فنقول: امّا ما ورد فيه من الروايات التعبير بقوله (ع) ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم، فمعناه بحسب الظاهر: ان كل ما يرى المخالفون أنفسهم ملزمين به من جهة أحكامهم الدينية، و يعتقدون بثبوت ذلك عليهم، فالزموهم بذلك، و إن لم يكن ذلك ثابتاً في الأحكام الدينية بحسب اعتقادكم، مثل ما ورد في كثير من الروايات المتقدمة من الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد؛ فإنهم حيث يرون ذلك موجباً لتحقق الفراق بين الزوجين، فيعامل معهم بمقتضى ذلك، و عليه فلا مانع للشيعي الذي يرى خلاف ذلك، و إن الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد باطل و لا يوجب تحقق الفراق، ان يتزوج بالمطلقة كذلك؛ لأنهم التزموا بحصول البينونة و تحقق الفراق، فيلزمون بذلك و يتزوج بالمرأة الكذائية، و عليه ففي كل مورد يلتزم المخالف بمقتضى مذهبه بورود ضرر عليه، سواء كان ذلك الضرر ماليّاً، كما إذا اعتقد بكون أمر سبباً للضمان و لم يكن كذلك عندنا، أو ذهاب حق منه، أو وقوع طلاق، أو عتق عبد، أو شركة غيره في ميراثه، أو مثل ذلك من الأمور التي يرون أنفسهم ملزمين بها و مجبورين عليها، فللموافق إلزامه فيها و إن كان ذلك مخالفاً لاعتقاده، و عليه فمقتضى عموم الموصول في قوله (ع): ألزموهم ما ألزموه أنفسهم، جريان هذا الحكم في جميع موارد الإلزام و كثيرة منها الحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك، فإنهم يرونه سبباً لوقوع هذه الأمور من الطلاق و أخويه، مع انه لا يكون الأمر كذلك عندنا معاشر الإمامية، فإذا تحقق الحلف بذلك، فلا مانع من التزويج بالمطلقة الكذائية، و التعامل مع العبد معاملة الحرّ و هكذا.