و منها قوله تعالى وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ[1]. قد ورد الحكم من الشرع على عدم جواز المناكحة مع منكوحة الآباء، و لازمه المؤاخذة على تلك المناكحة، فالاستثناء بقوله: إلّا ما قد سلف، يفيد رفع المؤاخذة عن ذلك العمل امتنانا إذا كان (في السلف) قبل الإسلام، و هذا هو معنى القاعدة.
و منها قوله تعالى عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ[2]. دلّت- بعد إلقاء الخصوصية عن المورد- على أنّ الإسلام يغفر به ما سلف عن الكفار من المعاصي حال كفرهم.
2- النبويّ المشهور بين الفريقين: و لفظه نفس القاعدة: «الإسلام يجبّ ما قبله» و قد ذكر هذا النبويّ في عدّة كتب و موارد شتّى مثل: مجمع البحرين و سيرة ابن هشام و السيرة الحلبيّة و الطبقات الكبرى و البحار- في ذكر قضايا أمير المؤمنين- و غيرها و لكن الحديث مرسل. و لا يرفع الإشكال الوارد من ناحية الإرسال بواسطة الشهرة كما هو واضح.
قال المحقق صاحب الجواهر: أن «الإسلام يجبّ ما قبله» المنجبر سندا و دلالة بعمل الأصحاب، الموافق لقوله تعالى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ[3] و الذي يسهل الخطب أن مضمون الحديث موافق للكتاب، فلم نواجه الإشكال من ناحية السند.
3- السيرة النبوية: من المعلوم أنّ سيرة الرسول (صلى الله عليه و آله) قد جرت على هذا الأسلوب (العفو عما سلف) و لم يكلف النبيّ (صلى الله عليه و آله) أحدا من أصحابه على قضاء ما فات منه من العبادات، حال الكفر، و ما أمر (صلى الله عليه و آله) بإقامة الحد على عمل ارتكبه الأصحاب قبل الإسلام، و لا خلاف و لا إشكال في المسألة.