2- الأولوية القطعية: الفحوى- كما ألمحنا اليه- بحسب الحقيقة هو تعدّي الحكم من الشيء الذي وقع موضوعا للحكم إلى الشيء الذي هو أولى في الموضوعية، و لا بدّ أن تكون الأولوية محرزة، مثل قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[2]. بما أنّ هذه الآية أفادت إعطاء الجزاء تجاه العمل القليل (مثقال ذرة) دلّت بإعطاء الجزاء بالنسبة إلى خير كثير بنحو أولى قطعا، و عليه فالفحوى هو الحكم الذي يدركه العقل دركا بيّنا. كما قال المحقق النائيني (رحمه اللّه): إنما يتحقق (الفحوى) إذا كانت الأولوية من المدركات العقلية [3].
فروع
الأوّل: لا شكّ في عدم الاعتبار للأولوية الظنّية؛ لأنّها من القياس الباطل قطعا و أمّا إذا حصل الاطمئنان بالأولوية فهل يعتمد عليها أم لا؟
التحقيق: أنّ متعلق حكم العقل هو الأولويّة القطعية فقط، و لكن الاطمئنان يقوم مقام القطع في باب الحجّية، و عليه لا يبعد أن تقوم الأولويّة التي حصلت بالاطمئنان مقام الأولويّة التي حصلت بالقطع، و لكن المتيقن هو الأولويّة القطعية.
الثاني: قال المحقق النائيني (رحمه اللّه): يتحقق (الفحوى بالدرك العقلي) غالبا فيما إذا كانت علة الحكم منصوصة، و نعني به ما كانت العلة المذكورة فيه واسطة في العروض لثبوت الحكم للموضوع المذكور في القضيّة، بأن يكون الموضوع الحقيقي هو العنوان المذكور في التعليل، و يكون ثبوته للموضوع المذكور من جهة انطباق ذلك العنوان عليه، كما في قضية: لا تشرب الخمر لأنّه مسكر، فإنّها ظاهرة