اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 110
تنفي خصوص الحكم الذي يولّد امتثاله الضرر. و الأمور العدمية لا تصلح أن تكون محدثة لإضرار [1] ، و إنّما يكون تشريع نقيضها رافعا أحيانا للضرر بعد وجوده. و قد قلنا:
إنّ القاعدة ليست ناظرة لمثله، و إنّما يمكن أن يستفاد من أدلّة أخرى قد يتّضح أمرها من القواعد الآتية التي قيل: إنّها متفرّعة على هذه القاعدة إذا تمّت أدلّتها، و تمّ ما ذكروه لها من دلالة.
خامسا: الضرر في القاعدة واقعيّ أو علميّ؟
المستفاد من هذه القاعدة-بمناسبة الحكم و الموضوع و بتسلّط النفي على نفس الضرر-: أنّ المنفيّ فيها هو الضرر الواقعي [2] ، لا العلم أو الظنّ به.
و العلم و الظنّ إنّما هما طريقان له، و الطريق إذا أخطأ الواقع و تبيّن الخطأ لصاحبه بعد ذلك فيه طولب به، على ما هو التحقيق في الأحكام الظاهرية من أنّها لا تجزئ عن الواقع، و لا تسقطه [3] ، بل يبقى المكلّف العالم بالضرر مطالبا به متى انكشف له الخطأ.
و على هذا؛ فمن علم الضرر أو ظنّه في مثال الوضوء السابق إذا أقدم على الوضوء و تبيّن وجوده واقعا، صحّ وضوؤه إذا لم يكن الضرر محرّما عليه و أمكنه قصد التقرّب؛ لأنّ (لا ضرر) كما سبق رخصة لا عزيمة.
و من علم بالضرر أو ظنّه، و ترك الوضوء استنادا للقاعدة و تيمّم، ثمّ انكشف عدم وجود الضرر، بطل تيمّمه، و طولب بالوضوء؛ إذ لا مسقط لوجوبه؛ لأنّ مفروض
[1] . منية الطالب 3: 418.
[2] . انظر: الأصول في علم الأصول: 352، و منية الطالب 3: 409، و مصباح الأصول 2: 543، و القواعد الفقهية للبجنوردي 1: 233.
[3] . انظر: كفاية الاصول: 86، و فوائد الاصول 1: 246-248.
اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 110