اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 104
ثانيا: نفي الضرر بين الرخصة و العزيمة
تساءل الفقهاء عن النفي الوارد على «الضرر» في هذه القاعدة أ هو من قبيل الرخصة، أم من قبيل العزيمة؟ [1]
و يقصدون بذلك: أنّ الشارع حين نفى الحكم الذي نشأ من امتثاله الضرر، هل نفاه بما أنّه لا مصلحة فيه و لا ملاك له؛ فلا يكون مشروعا لديه، أو أنّه اقتصر في النفي على الإلزام الصادر عنه مع بقاء المصلحة التي أوجبت تشريعه بعنوانه الأوّلي؟
و رتّبوا على ذلك ثمرات فقهية واسعة في مجالات الأحكام التكليفيّة و الوضعيّة، منها-مثلا-ما يذكر في الوضوء من أنّ المكلّف إذا أقدم على وضوء ضرريّ، و كان الضرر الذي يحدثه الوضوء ضررا غير بالغ، أي من الأضرار غير المحرّمة شرعا؛ لأنّ الضرر المحرّم-كالضرر الذي يلقي الإنسان في التهلكة-يكون مانعا من صحّة الوضوء ابتداء؛ لعدم إمكان التقرّب به، و لا معنى للتقرّب بما هو مبغوض، لا لأجل هذه القاعدة.
فإذا قلنا: إنّ حديث «لا ضرر» عزيمة [2] ، أي أنّه ينفي المشروعيّة ابتداء؛ لعدم وجود الملاك لها، كان الوضوء باطلا؛ لعدم تشريعه من قبل الشارع.
و إذا قلنا: بأنّه رخصة [3] ، أي أنّ الشارع رخّص في تركه منّة على العباد، مع أنّ
[1] . يراجع ما كتبناه من الرخصة و العزيمة في الأصول العامة للفقه المقارن: 67 المؤلف.
[2] . انظر: جواهر الكلام 5: 111، و منية الطالب 3: 412، و وسيلة النجاة 1: 111، مسوغات التيمم، مسألة رقم (17) .
[3] . انظر: العروة الوثقى 2: 251-253 كتاب الحج، شرائط وجوب حجة الإسلام، مسألة رقم (65) ، و مستمسك العروة الوثقى 4: 331، و مصباح الأصول 2: 551-552.
اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 104