لقِّنوا موتاكم شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله والولاية
عن أبي بصير ، عن أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) قال : كنَّا عنده ، وعنده حَمران ، إذ دخل عليه مولى له ، فقال : جُعلت فِداك هذا عَكرمة في الموت .
وكان يرى رأي الخوارج ، وكان مُنقطعاً إلى أبي جعفر .
ـ (أنظروني حتَّى أرجع إليكم) .
فقلنا : نعم . فما لبث أنْ رجع .
فقال : (أما إنِّي لو أدركت عَكرمة ، قبل أنْ تقع النفس موقعها لعلَّمته كلمات ينتفع بها ، ولكنِّي أدركته ، وقد وقعت النفس موقعه) .
قلت : جُعلِت فِداك ، وما ذاك الكلام ؟
قال : (هو ـ والله ـ ما أنتم عليه ، فلقِّنوا موتاكم شهادة أنْ لا إله إلاّ الله والولاية) .
فالإمام الباقر (عليه السلام) يقول : لو أنِّي وصلت إلى عَكرمة ، قبل أنْ تصل روحه إلى مكانها وموقعها الروحاني ، في عالم ما بعد الموت ، لعلَّمته كلمات يستفيد منها ، وهنا سأله أبو بصير :
وما هو الكلام الذي أردت أنْ تُعلِّمه له ؟
فقال الباقر (عليه السلام) : والله ، أردت أنْ أُعلِّمه الذي تؤمنون به أنتم ، أيْ : إنَّ الإمام أراد أنْ يُعرِّف السائل ، ويُلفت انتباهه إلى المقام الشامخ لولاية علي (عليه السلام) ، ويُطلعه على الخطأ الذي ارتكبه الخوارج بحَقِّ عليٍّ (عليه السلام) ، لعلَّه يرجع عن تأييده لموقف الخوارج ، ويُنزِّه ويُطهِّر ضميره مِن سوء الظَّنِّ بالإمام عليٍّ (عليه السلام) ، ويُغادر هذه الدنيا بقلب سليم ونقيٍّ [1] .