ربَّما تقع قضايا طيِّبة أو سيِّئة للأشخاص ، في أيَّام عمرهم ؛ فتترك أثراً حَسناً أو قَبيحاً في الأذهان ، ثمَّ يُلخِّص الناس ذلك الأثر في كلمة أو جملة ، ويجعلون منها لَقباً لصاحبه . ومِن هذا القبيل ما نُلاحظه في قِصَّة عبيد الله بن الزبير ، حيث كان والياً على المدينة مِن قِبَل أخيه عبد الله بن الزبير ، وقد شغل هذا المنصب بكلِّ قوَّة وكفاءة ... وفي يوم مِن الأيَّام أخطأ في كلامه ، أمام جمع غفير مِن الناس ، وهو على المنبر ، فبينما كان يعظ الناس تطرَّق لقِصَّة ناقة صالح ، وظُلْمِ قومه لها ، فقال لهم : قد ترون ما صنع الله بقوم في ناقة قيمتها خمسة دراهم ؛ فسُمِّي (مُقوُّم الناقة) . لقد كانت الموعظة بذاتها صحيحة ، إلاَّ أنَّ تقويمه للناقة كان خطأً ؛ فلقَّبه الناس بـ : مُقوُّم الناقة ، وشاع هذا اللقب ، ولهج به الناس وأورد نقصاً عظيماً في شخصيَّته ، فخلعه عبد الله بن الزبير وولَّى مكانه مصعباً . في هذا المثال ، نجد أنَّ والي المدينة يسقط مِن الأنظار إثر سَبق لسان بسيط ، ولقَّبه الناس بمُقوِّم الناقة ؛ مستهزئين به ، وذاكرين ذلك في كلِّ مُنتدى ومَجلس .
إنَّ الوالي الذي يتعرَّض لتحقير الناس وإهانتهم ، ويشعر في نفسه بالحَقارة ؛ لا يتمكَّن مِن مُمارسة السُّلطة والحُكم مَهْما كان ذا سَطوة وقوَّة [1] .