responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القصص التربوية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 63

... لَتركت القاضي يأكلك !

ونموذج آخر مِن السُّخرية بالأشخاص المُصابين ببعض العيوب الظاهريَّة ، نجده في قِصَّة القاضي المصري ، رشيد بن الزبير ، فقد كان مِن القُضاة الماهرين والكتَّاب العِظام في عصره ، وكان ذا خُبرة كافية في علوم الفِقه ، والمنطق ، والنحو ، والتاريخ ... عاش في القَرن السادس الهِجري ، وقد كان ذا قامة قصيرة ، أسود اللون ، ذا شفتين غليظتين ، وأنفٍ كبيرٍ ، ومَنظرٍ قبيحٍ جِدَّاً ، كان يعيش في شبابه في القاهرة ، ويسكن مع عبد العزيز الإدريسي ، وسليمان الديلمي في بيتٍ واحد .

فخرج يوماً وتأخَّر في العودة إلى منزله ، وعندما عاد سأله زُملاؤه عن سبب تأخُّره ، فأبى أنْ يُجيبهم حتَّى ألحوا عليه ، فقال : كنت أعبر مِن المحلِّ الفلاني ، فصادفت امرأة ذكيَّةً ، كانت تنظر إليَّ بعين الإعجاب ، فذهلت مِن شِدَّة الفرح وبتُّ أرقب سَيرها ، فأشارت إليَّ بطرف عينها ؛ فتبعتها في السِّكَك الواحدة بعد الأُخرى ، حتَّى انتهينا إلى دار ، ففتحت الباب ودخلت ، وأشارت إليَّ بالدخول فدخلت ، فكشفت النقاب عن وجهها ، وإذا به قِطعة مِن القمر ... لم تمضِ فترة طويلة ، حتَّى صفقت بيدها ، ونادت باسم فتاة ، فإذا بطفلة في غاية الجمال نزلت مِن الطاق العُلوي ، فخاطبتها المرأة قائلة : لو تبوَّلت في فِراشك هذه المَرَّة ؛ فسأُعطيك إلى هذا القاضي ليأكلك ؛ فبلغ الخوف والهَلع مِن الطفلة مبلغه ، وبلغ الارتباك والاضطراب مِنِّي مبلغه أيضاً . ثمَّ التفتت إليَّ قائلة : لا أعدمني الله إحسانه بفضل سيِّدنا القاضي أدام الله عِزَّه ... فخرجتُ مِن الدار مُطأطئاً رأسي خَجلاً ؛ ولفَرط ما أصابني مِن خَجلٍ وذهولٍ ؛ ولشِدَّة تأثري تِهتُ الطريق إلى البيت ، وبقيت أجوب الأزقَّة ... ولهذا تأخَّرت في العَودة [1] .


[1] الطفل ، ج2 .

اسم الکتاب : القصص التربوية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست