الصدق مَنجاة
ما أكثر الأفراد الذين التزموا الصدق ، في المواقع الحرجة ، والمآزق الشديدة ؛ وكان ذلك سبب خلاصهم .
لا يجهل أحد ، مدى الجرائم التي قام بها الحَجَّاج بن يوسف الثقفي ، والدماء التي أراقها بغير حَقٍّ .
وفي يوم مِن الأيَّام ، جيء بجماعة مِن أصحاب عبد الرحمان مأسورين ، وكان قد صمَّم على قتلهم جميعاً ، فقام أحدهم واستأذن الأمير في الكلام ، ثمَّ قال :
إنَّ لي عليك حَقَّاً ! فأنقذني وفاءً لذلك الحَقَّ .
قال الحَجَّاج : وما هو ؟
قال : كان عبد الرحمان يسبُّك في بعض الأيَّام ، فقمت ودافعت عنك .
قال الحَجَّاج : ألك شهود ؟
فقام أحد الأُسارى وأيَّد دعوى الرجل ، فأطلقه الحَجَّاج ، ثمَّ التفت إلى الشاهد ، وقال له : ولماذا لم تُدافع عنِّي في ذلك المجلس ؟
أجاب الشاهد ـ في أتمِّ صراحة ـ : لأنِّي كنت أكرهك .
فقال الحَجَّاج : أطلقوا سراحه لصدقه [1] .
[1] الطفل ، ج1 .