سُئل أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) : أيصلح السجود لغير الله تعالى ؟ قال : (لا) .
قيل : فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ؟!
فقال : (إنّ مَن سَجَدَ بأمر الله فقد سجد لله فكأنَّ سجوده لله ؛ إذ كان عن أمر الله تعالى) .
وكان يومئذ مِن الرسوم المالوفة أنْ يسجد للنجَّاشي كلُّ مَن يدخل عليه ، كدليل على تذلُّل وخُضوعه له . وقد شقَّ ذلك على المُهاجرين ؛ إذ كان السجود للنجّاشي يتعارض والحُرِّيَّة الإسلاميَّة ، ويُناقض المبدأ الذي تقوم عليه كلمة التوحيد ، كما أنَّ الامتناع عن السجود كان يُمكن أنْ يُثير غضب النجّاشي فيأمر بطردهم مِن البلاد ، فكانت حياتهم بذلك تتعرَّض للخطر أو يتعرَّضون للانتقام والتعذيب على أيدي المُشركين . وهكذا كانوا على مُفترق طريقين ، وكان عليهم أنْ يتَّخذوا القَرار فوراً . لقد كان الإيمان بالله وبالتوحد على درجة مِن الرسوخ والعُمق في نفوسهم بحيث إنَّهم قرَّروا عدم السجود للنجّاشي ، وليكُن ما يكون بعد ذلك .
يقول جعفر الطيَّار ـ أحد هؤلاء المُهاجرين ـ :
دخلنا مجلس النجّاشي ولم نسجد ، فقال مَن حضره : ما لكم لا تسجدون للملك ؟