خالد البرمكي كان مِن أصحاب الرأي والمَشورة ، وربطته مع قحطبة عَلاقات اجتماعيَّة . وقد استفاد قحطبة ، خلال أيَّام حُكمه ، مِن الآراء والأفكار الصائبة لخالد ، ومنها :
عندما وصلت الأنباء عن استعداد ابن ضبارة لقتال قحطبة ، وأنَّ جيشه عبر الحدود ودخل أراضي قحطبة ، تلقَّى الأخير هذه الأنباء بقَلقٍ شديدٍ ، فجهَّز خمسين ألف فارس تجهيزاً كاملاً ، وتحرَّك حتَّى وصل قُرب الحدود ، ولكنَّه لم يجد أثراً لجيش العدوِّ ، فاطمأنَّ وأمر جنوده بالاستراحةِ في أرضٍ واسعةٍ مكشوفةٍ ، وعزم على البقاء في تلك المنطقة عِدَّة أيَّام .
يقول خالد : ذات ليلة كنت جالساً في خيمتي ، فإذا بغزال يُسرع فجأة نحو الخيمة خائفاً مُضطرباً ، فقام مَن كان موجوداً في الخيمة للإمساكِ بالغزال ، فأمرتهم أنْ يكفُّوا عن الغزال ويُسرعوا لوضع السروج على الخيول ويستعدُّوا للقتال ؛ لأنَّ العدوَّ قريب مِنَّا . وأسرعتُ إلى قحطبة وقلت له : أصدر أمرك إلى الجنود ليستعدُّوا ؛ فابن ضبارة وجيشه يقتربون مِنَّا . أصدر أوامره ، وخرج الجنود مِن الخِيم ، وأعدُّوا الخيول واستعدُّوا للقتال ، ولم يطل الأمر حتَّى وصل جيش ابن ضبارة ، وكان جنودنا مُستعدِّين ، وفاجأوا جيش العدوِّ وهجموا عليهم ، واحتدم قتال شديد ، فقُتِل ابن ضبارة ، وكان الانتصار الكبير مِن نصيب جيش قحطبة .
بعد انتهاء القتال سألني قحطبة : مَن أخبرك بقدوم جيش العدوِّ ؟!
قلت : لم يُخبرني أحد ، ولكنَّني رأيت غزالاً خائفاً في الليل يركضُ داخلاً خيمتي ، وكنت أعلم أنَّ الغزال الوحشي يخاف مِن الإنسان ، ولكنَّه لا يقترب منه إلاَّ في الأوقات التي يحسُّ فيها بخطر ، ثمَّ إنَّ الغزال لا يترك مكانه ولا يبتعد عن