يخشوا عواقب الأُمور ، أو المخاطر التي قد يواجهونها نتيجة دفاعهم عن حُرمة الإسلام .
يقول سعد : كنتُ رجلاً برَّاً بأُمِّي ، فلمَّا أسلمت قالت : يا سعد ما ، هذا الدين الذي أحدثت ؟! لَتَدَعَنَّ دينك أو لا آكل ولا أشرب حتَّى أموت ، وعيَّرتني ، فقال : لا تفعلي يا أُمَّاه ، فإنِّي لا أدع ديني ، قال : فمكثتْ يوماً وليلة لا تأكل فأصبحت وقد جهدت وتصوَّرت أنَّ ابنها لو رآها على هذا الحال مِن الضعف سيترك دينه لبرِّه بها ، وقد غاب عنها . إنَّ عطف الأُمِّ وبَرَّها لا يُمكنه أنْ يقف أمام الحُبِّ الإلهي لو تغلغل إلى النفس ، ولهذا قال لها سعد في اليوم التالي :
والله ، لو كانت لك ألف نفس ، فخرجت نفساً نفساً ما تركتُ ديني .
ولمَّا رأت الأُمُّ التصميم القاطع لولدها ، ويئست مِن تغيير مُعتقده عدلت عن قرارها بالإمساك عن الطعام .
وخُلاصة القول : إنَّ السلوك الثوري للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والخُطب الحماسيَّة كان لها الأثر الكبير في بناء شخصيَّة ثوريَّة للشباب ، الذين ثاروا بالاتِّكال على الله وتوجيهات قائدهم العظيم ضِدَّ سُنَن الجاهليَّة الفاسدة ، فحطَّموا الأصنام وهدُّوا بيوتها واقتلعوا جذور الظلم والعدوان ، وقضوا على الآداب والتقاليد والعادات الباطلة والنُّظم الفاسدة ، وأقاموا مكانها نظاماً جديداً قائماً على أساس العلم والإيمان ، والعدل والحُرِّيَّة ، والأخلاق والفضيلة ، استطاع أنْ يُنقذ البشريَّة مِن الجهل والضلالة [1] .