أقدم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في أواخر عمره الشريف على تعبئة طاقات المسلمين لمُحاربة بلاد الروم ، وشكَّل جيشاً عظيماً ضمَّ كِبار قادة الجيش وأُمرائه ، وكِبار وجهاء المُهاجرين والأنصار وكافَّة رؤساء القبائل العربيَّة .
ويوم خرج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مِن المدينة ليستعرض جيشه ، لاحظ وجود كِبار وجهاء المسلمين في صفوف الجيش ، (فَلَمْ يَبْقَ مِنْ وُجُوهِ المُهاجِرينَ والأنْصارِ إلاَّ انْتَدَبَ في تِلْكَ الغزاةِ ، فِيهِم أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وسَعْدُ بنُ أبي وَقّاصٍ وسَعْدُ بْنُ زَيْدٍ وأَبُوا عُبَيْدَةَ وقَتادَةُ النُّعْمانِ) .
مِمَّا لا شكَّ فيه أنَّ قيادة جيش عظيم ، كالذي شكَّله الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) لمُحاربة الروم ، مسألة دقيقة وحسَّاسة للغاية ؛ إذ كان على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنْ يختار ـ حتماً ـ الأنسب والأكثر كفاءة ولياقة لتعيينه قائداً للجيش .
فكان أنْ دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله أُسامَةَ بْنَ زَيدٍ ، ونصبه قائداً للفرقة وشدَّ له الراية بيديه الشريفتين : (واسْتَعمَلَهُ النَبيُّ صلى الله عليه وآله وهُوَ ابْنُ ثَمانِيَ عَشَرَ سَنَةً) .
ومثل هذا الاختيار ـ إنْ لم نقل : إنَّ التاريخ العسكري في العالم لم يشهد نظيراً له فلا بُدَّ مِن القول : ـ إنَّه يندر حصوله .
وبالرغم مِن أنَّ عالمنا المُعاصر ، يولي اهتماماً بالغاً لجيل الشباب ، ويوفِّر له الدعم الكامل ، وبالرغم مِن أنَّ البُلدان المُتطوِّرة الأوروبيَّة والأميريكيَّة ، تسعى جاهدة إلى تكليف شبابها بمسؤوليَّات جِسام ، فإنَّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد أقدم قبل أربعة عشر قَرناً على خطوة عسكريَّة مُهمَّة ؛ دعماً منه للشُبَّان الأكفَّاء ، حيث ولَّى