رجل مِن المسلمين ، فتجاولا ساعة ، فقتله العِلْج ، وجعل يكرُّ ويحمل ويُنادي ويقول : هل مِن مُبارز ؟! ثلاثة لواحد !!
فبرز إليه رجل مِن المسلمين فقتله العِلْج ، فصاح المُشركون وذَلَّ المسلمون ، وكادت أنْ تكون كَسرة .
فقيل للمنصور : ما لها إلاَّ ابن المضجعي ، فبعث إليه ، فحضر ، فقال له المنصور : ألا ترى ما صنع هذا العِلْج ... منذ هذا اليوم .
فقال : لقد رأيته ، فما الذي تُريد ؟
قال : أنْ تكفي المسلمين شَرَّه .
قال : الآن يُكفى المسلمون شَرَّه ، إنْ شاء الله تعالى .
ثمَّ قصد إلى رجال يعرفهم ، فاستقبله رجل مِن أهل الثغور ، على فرس قد تَهرَّت أوراكها هَزالاً ، وهو حامل قِربة ماء بين يديه على الفرس ، والرجل في حليته ونفسه غير مُتصنِّع .
فقال له ابن المضجعي : ألا ترى ما يصنع هذا العِلْج مُنذ اليوم ؟!
قال : قد رأيته ، فما الذي تُريد ؟
... أنْ تكفي المسلمين شَرَّه ؟
قال : حُبَّاً وكَرامة .
ثمَّ إنَّه وضع القِربة على الأرض ، وبرز إليه غير مُكترث به ، فتجاولا ساعة ، فلم يرَ الناس إلاَّ والمسلم خارجاً إليهم يركض ، ولا يدرون ما هناك ، وإذا برأس العِلْج يلعب بها في يده ، ثمَّ ألقى الرأس بين يدي المنصور .
فقال له ابن المضجعي : عن هؤلاء الرجال أخبرتك ... ثم رد المنصور إلى ابن المضجعي منزلته وأكرمه ، ونصر الله جيوش المسلمين وعساكر الموحِّدين [1] .