قال أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) : (إنَّ رجلاً جاء إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) برجل يزعم أنَّه قاتل أبيه ، فاعترف ، فأوجب عليه القِصاص ، وسأله أنْ يعفو عنه ليُعظِّم الله ثوابه ، فكأنَّ نفسه لم تَطِبْ بذلك .
فقال علي بن الحسين (عليهما السلام) للمُدَّعي للدَّم ـ الولي المُستحقُّ للقِصاص ـ : إنْ كنت تذكر لهذا الرجل عليك فضلاً فَهب له هذه الجناية واغفر له هذا الذنب .
قال : يا بن رسول الله ، له عليَّ حَقٌ ، ولكنْ لم يبلغ أنْ أعفو عن قتل والدي .
قال : فتُريد ماذا ؟
قال : أُريد القَود ، فإنْ أراد لحَقِّه عليَّ أنْ أُصالحه على الدِّيَّة صالحته وعفوت عنه .
فقال علي بن الحسين : فماذا حَقُّه عليك ؟
قال يا بن رسول الله : لقَّنني توحيد الله ونبوَّة محمد رسول الله وإمامة عليٍّ والأئمَّة .
فقال علي بن الحسين (عليهما السلام) : فهذا لا يفي بدم أبيك ؟! بلى ـ والله ـ هذا يفي بدماء أهل الأرض .
قال عليِّ بن الحسين للقاتل : أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتَّى أبذل لك الدِّيَّة فتنجو بها مِن القتل ؟
قال : يا بن رسول الله ، أنا مُحتاج إليها وأنت مُستغنٍ عنها ؛ فإنَّ ذنوبي عظيمة وذنبي إلى هذا المقتول أيضاً بيني وبينه لا بيني وبين وليِّه هذا .
قال علي بن الحسين (عليهما السلام) : فتستسلم للقتل أحبُّ إليك مِن نزولك عن هذا التلقين قال : بلى ـ يا بن رسول الله ـ) [1] .