اسم الکتاب : الفوائد الغروية المؤلف : الرودسري، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 69
و لا مجال لإنكاره، فتبصر.
(الثاني): [معذورية الجاهل بالحكم وضعا لا تكليفا]
إن الأصحاب بعد اختلافهم في معذورية الجاهل بالحكم الشرعي العامل بما يوافق الأصل قبل الفحص عن الأدلة و تحصيل العلم أو الظن المعتبر بعدم المعارض، اتفقوا على معذوريته وضعا لا تكليفا في موضعين:
أحدهما: ما إذا أجهر في موضع الإخفات، أو العكس.
و ثانيهما: ما إذا تمم في موضع القصر دون العكس ظاهرا.
و حكموا في هذين الموردين بصحة المأتي به و أنه مسقط للقضاء و الإعادة و إن لم يكن موجبا لارتفاع المؤاخذة، فوقعوا في إشكال قوي تعرضه غير واحد من المحققين محصله: إن الجاهل المزبور مع كونه مكلفا فعلا فيهما بالواقع الأولي- كما هو مقتضى حسن المؤاخذة التي هي على تركه لا غير كما أشرنا إليه سابقا- إما مكلف فعلا أيضا بما يأتي به في الموضعين من الصلاة الجهرية أو القصرية مثلا أو لا، و الأول لكونه تكليفا محالا أو تكليفا بالمحال، لعدم قدرته على الامتثال فاسد لا مجال لإنكاره، و الثاني مستلزم لأن لا يكون المأتي به فيهما صحيحا مسقطا للقضاء و الإعادة، لتوقف صحته على الأمر الشرعي المفروض فقده، فالحكم بصحة العبادة المأتي به فيهما لا يجتمع مع حسن المؤاخذة و بقائها كما لا يخفى، فاغتنم.
و أجيب عنه بوجوه ثلاثة:
أحدها: إن الجاهل في الموضعين مكلف فعلا بالمأتي به فيهما لا بالواقع المتروك، و ذلك إما لكون الجهل فيهما كالجهل بالموضوع في كون صاحبه مكلفا بالمأتي به لا بالواقع، أو لكون تكليفه بالواقع فيهما مشروطا بالعلم به
اسم الکتاب : الفوائد الغروية المؤلف : الرودسري، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 69