و يظهر منه كمال اعتبار ابن عقدة في ذاته، و نقله، و روايته، و توثيقه، و جرحه، و غيرها، كما لا يخفى.
و قال النجاشي: هذا رجل جليل في أصحاب الحديث، مشهور بالحفظ، و الحكايات، و كان كوفيّا زيديّا جاروديّا، ذكره أصحابنا لاختلاطه بهم و مداخلته إيّاهم، و عظم محلّه و ثقته و أمانته [2].
و أمّا ابن فضّال، فذكر النجاشي أنّه كان فقيه أصحابنا بالكوفة، و وجههم، و ثقتهم، و عارفهم بالحديث، و المسموع قوله فيه، سمع منه شيئا كثيرا، و لم يعثر له على زلّة فيه و لا ما يشينه، و قلّ ما روى عن ضعيف و كان فطحيا [3].
و من هذا شأنه فتوثيقه في غاية القوّة و المتانة و الاعتبار، كما لا يخفى على أولي الأبصار، و لذلك استند العلّامة في المختلف على توثيق ابن عقدة له، لنقله ذلك عن ابن فضّال.
و مع عزل النظر عن ذلك كلّه، فتوثيق شيخنا المفيد السعيد له يغني عن توثيق كلّ من عداه، و هو ظاهر.
فظهر أنّ رواية أبي بصير صحيحة السند، صريحة الدلالة على تحريم مسّ خطّ المصحف على المحدث، و الاعتماد عندي عليها، لبطلان القياس عندنا.
و كونه بطريق أولى ممنوع، فلعلّ الكاتب لمّا كان موجدا لنقوش القرآن و خطوطه، كان أولى بالطهارة من الماسّ، كما ورد في كتابة بعض الأحراز و الأدعية أنّ كاتبه لا بدّ أن يكون على طهارة، و كذلك تاليه، و لم يقل أحد أنّه يدلّ على تحريم مسّ خطّه بطريق أولى، فتأمّل.