responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفن القصي في القرآن الكريم المؤلف : خَلَف الله، محمد    الجزء : 1  صفحة : 383

السماء. و الملائكة و قد علموا أن الشياطين تسترق السمع مرة و مرات فلما ذا لم يكفّوا عن تداول الأخبار بينهم بالحديث ليفوّتوا على الشياطين غرضهم؟و ما دام قذف الشياطين بالشهب كان لحماية النبوّة فلما ذا استمرّت الشهب بعد انتقال محمد للرفيق الأعلى راضيا مرضيا؟

و أخيرا: أ لم يكن من الأسهل منع الشياطين من الصعود إلى السماء أصلا بدلا من الانتظار حتى اقترابهم منها ثم رميهم بالشهب بعد ذلك. و يرى خلف اللّه أن القرآن قد اختار أن يحارب هذه العقيدة (استراق السمع و الرمي بالشهب) بأسلوبه الخاص القائم على فكرة التدرّج كما حدث في محاربة الخمر كما أن القرآن يأخذ الناس بتصوّراتهم و أنه سلّم بهذه العقيدة ليهدمها بالتدريج.

و نحن لا نوافق المؤلّف في هذه الخصوصية و لا نسلّم بمسألة التدرّج و ذلك لعدة أسباب منها أن منهج القرآن لم يكن الأصل فيه التدرّج و هناك عقائد كثيرة نهى عنها مرة واحدة و بحسم و مسألة الخمر تكاد تكون استثناء لا يقاس عليه. و منها أن هذه العقيدة مرتبطة بعقيدة وجود الجن أو الاعتراف بوجوده فإذا كان الجن موجودا أصلا فإن صعوده لاستراق السمع فرع منه إذن ليس الأمر الأخذ بالتصوّرات و الإيجاز و القول إن الإقرار بالجن أو بمعنى أدق الإيمان بوجوده أخذ بتصوّرات الناس و هذا ما لا يسلّم به أحد، و من ناحية أخرى لو كانت مسألة التدرّج صحيحة لانسحب التدرّج إلى فكرة الجن نفسها.

و لأن عقيدة الجن معترف بها في الديانتين الإبراهيميتين الساميتين (اليهودية و المسيحية) و نرجّح أنهما ورثتاه من الديانات السامية القديمة التي كانت مهيمنة على المنطقة قبل ظهورهما ثم جاء الإسلام و أقرّ عقيدة وجود الجن مع الوضع في الحسبان تمكّنها من عقيدة عرب الجزيرة وقت ظهور محمد. و لا ندري لما ذا ترك خلف اللّه في هذه الخصوصية فكرة التفسير الأدبي و تبنى فكرة الأخذ بتصوّرات أهل مكة و القول بها.

فالأقرب إلى المنطق أن يقول إن قصة استراق الشياطين للسمع و إحراقهم بالشهب الثواقب يمكن تفسيرها بأنها صورة أدبية معجبة لتصوير مناعة السماء و ما فيها من غيوب و أن من يدفعه غروره من البشر لمحاولة اختراقها أو الاقتراب منها يحترق...

اسم الکتاب : الفن القصي في القرآن الكريم المؤلف : خَلَف الله، محمد    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست