اسم الکتاب : الفن القصي في القرآن الكريم المؤلف : خَلَف الله، محمد الجزء : 1 صفحة : 284
يقصد منها إلى الإفاضة و الإيحاء أو إلى تثبيت قلب النبي عليه السلام و من اتّبعه من المؤمنين. و عنصر الحوار هو العنصر البارز في الأقاصيص التي يقصد منها إلى الدفاع عن الدعوة الإسلامية و الرد على المعارضة و هكذا.
و تطوّر الفن القصصي في القرآن له فصل خاص به هو الفصل التالي و هناك سنرى هذه المسائل مشروحة بتفصيل و لكنا في هذا الموقف نريد أن نختار أقاصيص قرآنية تدور حول شخص واحد لنرى منها كيف كانت عملية توزيع العناصر في القصة تتبع الدعوة الإسلامية في تقدّمها و ترقّيها.
و القصص التي وقع عليها الاختيار هي قصة صالح أو ثمود فلنقرأ منها سويا هذه الأقاصيص: قال تعالى كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوََاهََا*`إِذِ اِنْبَعَثَ أَشْقََاهََا*`فَقََالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللََّهِ نََاقَةَ اَللََّهِ وَ سُقْيََاهََا*`فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهََا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوََّاهََا*`وَ لاََ يَخََافُ عُقْبََاهََا[1] . و قال كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ*`فَقََالُوا أَ بَشَراً مِنََّا وََاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنََّا إِذاً لَفِي ضَلاََلٍ وَ سُعُرٍ*`أَ أُلْقِيَ اَلذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنََا بَلْ هُوَ كَذََّابٌ أَشِرٌ*`سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ اَلْكَذََّابُ اَلْأَشِرُ *`إِنََّا مُرْسِلُوا اَلنََّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَ اِصْطَبِرْ*`وَ نَبِّئْهُمْ أَنَّ اَلْمََاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ*`فَنََادَوْا صََاحِبَهُمْ فَتَعََاطىََ فَعَقَرَ*`فَكَيْفَ كََانَ عَذََابِي وَ نُذُرِ*`إِنََّا أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وََاحِدَةً فَكََانُوا كَهَشِيمِ اَلْمُحْتَظِرِ*`وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا اَلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ[2] .
ففي هاتين القصتين الواردتين في سورتي الشمس و القمر، و هما من أوائل ما نزل من القصص حول ثمود و صالح، نرى أن العنصر القصصي البارز هنا هو تصوير الأحداث، ذلك لأن القصد من القصة تخويف المكذّبين. و ليس أبلغ من تصوير الأحداث التي تلم بالأمم و المصائب التي تنزل بالجماعات، من بث الرعب و إشاعة الخوف ليعدل الإنسان عن موقفه و يترك العناد و التكذيب، و من هنا برز عنصر الأحداث و اختفى ما عداه، و اختير لأنه الملائم لحال النبي أول عهده بالدعوة و إعلانه أنه رسول رب العالمين.
و إذا ما انتقلنا خطوة إلى الأمام و قرأنا قصص الأعراف و الشعراء.