اسم الکتاب : الفن القصي في القرآن الكريم المؤلف : خَلَف الله، محمد الجزء : 1 صفحة : 246
نلحظ صورة امرأة عمران تلك المرأة المتدينة التي تنذر ما في بطنها للّه و في سبيل اللّه. ثم نلحظ تلك المسحة الخفيفة من الألم و الحسرة التي تطوف بنفسها على أن كانت المولودة أنثى و تلك العاطفة النبيلة أو تلك الرقة و ذلك الحنان اللذان يتجليان في توجّهها إلى اللّه من أجل مريم و قولها له وَ إِنِّي أُعِيذُهََا بِكَ وَ ذُرِّيَّتَهََا مِنَ اَلشَّيْطََانِ اَلرَّجِيمِ . و استجاب ربها فأنبتها نباتا حسنا و تقبّلها بقبول حسن و جعلها في كفالة رجل من رجال المحاريب هو زكريا. و هنا نلمح أثر غير العادي في القصة من حوادث خارقة و معجزات فمريم يأتيها رزقها من السماء و زكريا ينجب فيولد له يحيى و امرأته عاقر و تلك إرادة اللّه و اللّه يفعل ما يشاء.
و لقد كان هذا الموقف من زكريا بعد توجّهه إلى ربه و طلبه منه ذرية طيبة و استجابة ربه له ثم تعجّبه من تلك الاستجابة محيرا للرازي فيما شرح من تفسير للقصة.
و تمضي القصة بعد ذلك و يكفينا منها هذه التوجيهات الدينية التي تتصل بمرادنا و هي قوله تعالى ذََلِكَ مِنْ أَنْبََاءِ اَلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَ مََا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاََمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَ مََا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ[1] . و قوله ذََلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ اَلْآيََاتِ وَ اَلذِّكْرِ اَلْحَكِيمِ[2] . و قوله إِنَّ هََذََا لَهُوَ اَلْقَصَصُ اَلْحَقُّ وَ مََا مِنْ إِلََهٍ إِلاَّ اَللََّهُ وَ إِنَّ اَللََّهَ لَهُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ[3] .
و هكذا نستطيع أن نختم هذا الفصل دون أن يفوتنا لفت الذهن أو تكرير القول بأن أمور الدعوة الإسلامية و شرح عقائدها و توضيح مبادئها كانت ترد في ثنايا القصة و بين طياتها في كل ما جاء في القرآن من قصص و أنها كانت غرضا لكنه ليس بالغرض الذي تنتهي عنده القصة و يكوّن منها النهاية أو الختام و إنه من أجل ذلك جعلنا هذه التوجيهات من الموضوعات لا من الأغراض.