ثم إنّه لا حقّ للدولة أو لجهة أخرى في المنع عن حيازة المباحات بحجج واهية و التي منها احتياج الدولة إلى المال، فإنّ المال المقرر للدولة الإسلامية هو الخمس و الزكاة و الجزية و الخراج، و إذا اقتضت الضرورة للمزيد من ذلك كحالة حرب أو ما أشبه و لم تتمكّن الدولة من حيازة المباحات غير المانعة عن حرية الناس في الحيازة و لا من تحصيل التبرعات و ما أشبه، جاز الأخذ من الناس، أو المنع عن حيازتهم للمباحات بقدر الاضطرار، بشرط تعيين مراجع التقليد حسب الشورى إن كانوا متعددين، و ليس حينئذٍ إلّا كصيغة الاستثناء كما ذكرناه في بعض كتب (الفقه) بتفصيل.
أما ما نراه اليوم في الدول المعاصرة من كثرة الضرائب و منع الناس عن حيازة المباحات و ما أشبه فهو خلاف الشريعة المقدّسة، جاء بدافع الجهل بالموازين و إرادة التجمل بالسرف و الترف، و تكثير الموظفين اعتباطاً مما يعود بالإضرار الكثيرة، و شراء الأسلحة بالأموال الباهظة، بغية التخزين و الادخار، فإن دعت الضرورة إلى هذا الأخير فهو ممّا ذكرناه من الاستثناء بموازينه، و إلّا كان ضرراً مضاعفاً و حرمة مغلّظة.