و نتيجة تلك المقدمات: هي أنّ الصادر الواحد الذي نعبر عنه بالنفس الرحماني، و الرحمة التي وسعت كلّ شيء ، و الحق المخلوق به، هو هذا الواحد الجامع لجميع الوجودات، و الموجودات كلها ما هي إلاّ واحد صدر من واحد، و لكن مع وحدته و تمام بساطته محيط و مستوعب لجميع الموجودات من العقل العلوي إلى العالم السفلي، و من العقل المجرّد إلى الهيولى العنصري، و الكثرات الواقعة في البين كلها عرضية و موجودة بالتبع، و منتزعة من الحدود و الاعتبارات للوجود، فالوجود للوجود، و العدم للعدم، و كل شيء يرجع إلى أصله، و كل شيء هالك إلاّ وجهه، و وجه وجود الواجب وجودات إمكانية معلولة، و وجه العدم ماهيات اعتبارية كما قلنا في ما سبق إنه نور و ظل و ظلمة.
فالواحد لم يصدر عنه إلاّ الواحد، و لكن في هذا الوجه الواحد كل الكثرات، و لا خالق و لا موجد إلاّ اللّه، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، و جميع الموجودات باتحادها صارت موجودة بنحو جامع للكثرة و حافظ للوحدة، و ليس التوحيد الكامل إلاّ بأن ترى الوحدة في الكثرة، و الكثرة في الوحدة:
همه عالم صداى نغمهء اوست # كه شنيد اين چنين صداى دراز
و هذا الوجود الممتد الساري و المستوعب الذي أشرق على ظلمات الماهيات و هياكل الممكنات هو الواحد الجامع للكثرات، و هو وجه الواحد الأحد الباقي ببقائه، الدائم بدوامه، و إنما الفناء و التغيرات للحدود و الاعدام و الوجود يستحيل أن يقبل ضده: