و الأصح الذي لا غبار عليه أنّ حقيقة الوجود من حيث هي واحدة لا تعدد فيها، و لا تكرار، بل كل حقيقة من الحقائق و ماهية من الماهيات أيضا بالنظر إلى ذاتها مجردة عن كل ما سواها يستحيل تعددها و تكررها، و من قواعد الحكمة المتفق عليها أنّ «حقيقة الشيء لا تتثنى و لا تتكرر، و الماهيات إنما تتكثّر و تتكرر بالوجود» ، كما أن الوجود إنما يتكثر بالماهيات و الحدود، يعني أنّ ماهية الإنسان و حقيقته النوعية إنما تكثرت بالأفراد العينية و المصاديق الخارجية، و التعيّن إنما جاء من الوجود، و به تكررت الماهية و تكثرت، و لو لا الوجود لما كانت الماهية من حيث هي إلاّ هي، لا تعدد و لا تكثر، و كما أنّ الماهية بالوجود تكررت و تكثرت فكذلك الوجود إنما تكرر و تكثر بالحدود و التعيّنات التي انتزعت منها الماهيات، فالقضية مطردة منعكسة، تكثر الوجود بالماهية، و تكثرت الماهية بالوجود.
ثمّ إنّ الوجود نوعان، ذهني و خارجي:
أما الذهني، فهو اعتبار صرف، و مفهوم محض، كسائر المفاهيم الذهنية المنتزعة من المصاديق يحمل عليها بالحمل الشائع الصناعي من المحمولات بالضميمة، لا خوارج المحمول، فقولك: زيد موجود، كقولك: زيد كاتب، و هو كلي واحد منطبق على أفراده التي لا تحصى، و من المعقولات الثانوية باصطلاح الحكيم.
أما الوجود العيني الخارجي الذي يحكي عنه ذلك المفهوم و ينتزع منه فهو بأنواعه الأربعة، الذاتي و هو بشرط لا، و المطلق و هو لا بشرط، و المقيد و هو بشرط شيء ، و يندرج فيه الوجود الرابط، و هو مفاد كان الناقصة، و الرابطي و هو ما يكون وجوده في نفسه عين وجوده لغيره، كالأعراض، و الربطي و هو ما