أما وجه تمسك العلماء قديما و حديثا بعمومات المعاملات مثل أَحَلَّ اَللََّهُ اَلْبَيْعَ فهو بالنظر إلى أنّ البيع بمعنى التمليك لمّا كان غير فعل اختياري إلاّ بالواسطة كسائر الأفعال التوليدية فلا تتعلق الحلية و غيرها من الأحكام به إلاّ بواسطة سببه، فيكون مفاد الآية: حلية أسباب التمليك، و يدل بإطلاقه على حلية كل ما هو سبب للتمليك عند العرف.
و المراد بالحلية في مثل هذه الموارد الإمضاء و التقرير، يعني أنّ اللّه أنفذ و قرر أسباب البيع التي هي أسباب عند العرف، و أمضى سببيتها وضعا، و حلية التصرفات في المبيع تكليفا تابعة لتلك الحلية الوضعية و منتزعة منها، لا أنها هي المقصودة بالأصالة و المدلول عليها بالجملة بحيث يكون المراد من البيع المبيع، و تكون حليته باعتبار حلية التصرفات، فيستلزم خلاف الأصل من وجهين:
الحذف و المجاز، و لا يلزم شيء من ذلك على ما ذكرناه؛ ضرورة أنّ تعلق الأحكام بالأعيان و الأفعال التوليدية و إرادة أسبابها شائع لا يعد من المجاز أصلا؛ لعدم العناية و التكلف فيه بالضرورة، فحلية البيع، و حرمة الربا، و وجوب الوفاء بالعقود، لا يفهم منها إلاّ إرادة نفوذ العقود العرفية، و وجوب الالتزام بها على ما هي عليه عند العرف، و مضيّ سببية كل ما هو سبب عند العرف للبيع و نحوه، و عدم سببية الربا للملكية و إن كان سببا عند العرف فليس للشارع في العقد و البيع و الربا اصطلاح خاص، أو حقيقة شرعية، و إنما له الإمضاء و التقرير أو عدمه لا غير، فكل عقد و كل سبب للبيع بمقتضى هذه الإطلاقات نافذ إلاّ ما قام الدليل على بطلانه.