أوائل سورة التحريم، و في قضية الزوجتين اللتين أودعهما النبي صلّى اللّه عليه و آله سرا فأظهرتاه.
و المرأة مهما كانت رخوة العنان ضعيفة الكتمان و لكن أراد النبي صلّى اللّه عليه و آله أن يصهرهنّ في بوتقة الامتحان حتى يظهر الذهب الخالص من المزيف.
و على كل حال، فقد أظهر اللّه جل شأنه لنبيه في تعدد الزوجات معجزتين:
الأولى: في داخليته و عدله المستمر بينهن أكثر من عشر سنين.
قفيه، فأسلمت و أسلمت أختها، و أقام الخصي على دينه حتى أسلم بالمدينة في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأعجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمارية و أنزلها بالعالية، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يختلف إليها هناك، و ضرب عليها الحجاب.
و في ذي الحجة من سنة ثمان للهجرة ولدت مارية إبراهيم، فدفعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن النجار، فكانت ترضعه، و قالت عائشة: ما غرت على امرأة إلاّ دون ما غرت على مارية، و ذلك أنها كانت جميلة من النساء، جعدة، و أعجب بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كان أنزلها أول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عامة النهار و الليل عندها حتى فرغنا لها فجزعت، فحولت إلى العالية، فكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا، ثمّ رزق اللّه منها الولد و حرمناه منه.
قلت: إني أتعجب من غيرة عائشة على مارية، كما أن من العجب حقدها على الصديقة الطاهرة فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كان من جراء ذلك أنه توفيت فاطمة عليها السّلام، فجاء نساء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلهن إلى بني هاشم في العزاء إلاّ عائشة فإنها لم تأت و أظهرت مرضا، و نقل إلى علي عليه السّلام عنها ما يدل على السرور. راجع: أعلام النساء لعمر رضا كحالة:
ج 2/ص 852 ط. دمشق.
و توفيت مارية في خلافة عمر سنة (16) هـ، و دفنت بالبقيع بالمدينة. أنظر: أعلام النساء، تاريخ الطبري، أسد الغابة، الإصابة، الاستيعاب، طبقات ابن سعد، تنقيح المقال.