فقال: المشجر لا ينضبط بالحفظ، و أنا أريد شيئا أحفظه.
فقلت: السمع و الطاعة، و مضيت و صنفت له الكتاب، الذي سميته بالفخري و حملته و جئته به.
فلما وقف عليه، نزل على طراحته [1] و جلس على الحصير، و قال لي:
اجلس على هذه الطراحة، فأعظمت ذلك و خدمته، فانتهرني نهرة مزعجة، و زعق علي و قال: اجلس بحيث أقول لك.
فتداخلني- علم اللّه- من هيبته ما لم أتمالك، الا أن جلست حيث أمرني ثم أخذ يقرأ علي ذلك الكتاب، و هو جالس بين يدي، و يستفهمني عما يستغلق عليه، الى أن أنهاه قراءة.
فلما فرغ منه قال: اجلس الآن حيث شئت، فان هذا علم أنت استادي فيه، و أنا أستفيد منك، أتتلمذ لك، و ليس من الادب أن يجلس التلميذ الا بين يدي الاستاذ.
فقمت من مقامي و جلس هو في منصبه، ثم أخذت أقرأ عليه، و أنا جالس بحيث كان أولا.
ثم قال: و هذا لعمري من حسن الادب حسن، و لا سيما من مثل ذلك الرجل العظيم المرتبة. انتهى.
مصادر هذه الرسالة الشريفة و العجالة المنيفة
1- كتاب: الشجرة المباركة في أنساب الطالبية، للعلامة الشيخ فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الشهير بالامام فخر الدين الرازي صاحب التفسير الشهير
[1] نوع من الفرش ما يطرح للجلوس عليه او القعود و كأنها المندر.