اسم الکتاب : الفائق في غريب الحديث المؤلف : الزمخشري الجزء : 1 صفحة : 30
[أرّى]
: اشتكى إليه رجلٌ امرأَته، فقال: اللهم أرِّ بينهما- و روي أنه دعا بهذا الدعاء لعليٍّ و فاطمة (عليهما السلام).
التَّأْرِية: التَّثْبِيت و التمكين. و منه الآرِيّ [1]. و تقول العرب: أَرِّ لفرسك و أَوْكد له؛ أي أشدد له آرِيّا في الأرض؛ و هو المَحْبِس من وَتد أو قطعة حبل مدفونة. و المعنى الدعاء بثبات الود بينهما.
[أرب]
: قال له أبو أيوب رضي اللّٰه عنه: يا رسولَ اللّٰه؛ دُلَّني على عمل يدخلني الجنة. فقال: أَربَ ما لَهُ؟ تعبد اللّٰه، لا تشرك به شيئاً، و تقيم الصلاة، و تُؤْتي الزكاةَ، و تَصِلُ الرحِم- و روي أَرِبٌ ما لَه!.
.. قيل في أَرِب: هو دعاء بالافتقار من الأَرَب، و هو الحاجة، و قيل: هو دعاء بتساقط الآراب؛ و هي الأعضاء.
و ما لَه: بمعنى ما خَطْبُه؟ و فيه وَجْه آخر لطيف؛ و هو أن يكونَ أَرِب مما حكاه أبو زيد من قولهم: أَرِب الرجل إذا تشدَّد و تحَكَّر؛ من تَأْرِيب العُقْدة، ثم يُتَأَول بمَنَع؛ لأنَّ البخلَ مَنْعٌ، فيعدّي تعديته، فيصير المعنى منع.
ما له: دعاء عليه بلُصوق عار البخلاء به و دخولهم له في غِمَار اللئام على طريقة طباع العرب، كقول الأشتر:
بَقَّيت وَفْري و انحرفتُ عن العُلَا * * *و لقِيتُ أضيافي بوجْهِ عَبُوس
و كذلك
حديث عمر رضي اللّٰه عنه: إن الحارث بن أوس سأَله عن المرأَة تطوفُ بالبيت، ثم تنفِرُ من غير أن أَزِف [2] طواف الصَّدَر إذا كانت حائضاً. فأفتاه أن يفعل ذلك، فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول اللّٰه (صلى اللّه عليه و سلم). فقال عمر: أَرِبْتَ عَنْ ذي يَدَيْكَ.
و رُوِي: أَرِبْتَ من [ذي] يديك [3]؛ أ تسأَلني و قد سمعتَه من رسول اللّٰه (صلى اللّه عليه و سلم) كي أخالفه؟
و معناه مُنِعت عما يصحب يديك و هو مالُه.
و معنى أَرِبْتَ من يديك: نشأَ بُخْلك من يديك، و الأصلُ فيما جاء في كلامهم من هذه الأدعية التي هي: قاتلك اللّٰه، و أخزاك اللّٰه، و لا دَرَّ درّك، و تَرِبت يداك و أشباهها. و هم يريدون المدح المفرط و التعجب للإشعار بأنّ فعلَ الرجل أو قوله بالغٌ من الندرة و الغرابة المبلغ الذي لسامعه أن يحسده و ينافسه حتى يدعوَ عليه تضجراً أو تحسراً، ثم كثُر ذلك حتى استُعْمل في كل موضع استعجاب؛ و ما نحن فيه متمحّض للتعجب فقط. و لتغيُّر معنى قاتله
[1] الآري: هو حبل تشد به الدابة في محبسها (لسان العرب: أرى).