اسم الکتاب : الفائق في غريب الحديث المؤلف : الزمخشري الجزء : 1 صفحة : 20
سِدَانة الكعبة: خِدْمتها، و كانت هي و اللواء في بني عبد الدار، و السقاية و الرّفَادة إلى هاشم، فأُقرَّ ذلك في الإسلام على حاله. و إنما ذكر أحدَ الشيئين دون قَرِينة- أعني السدانة دون اللواء، و السقاية دون الرِّفادة؛ لأنهما لا يفترقان و لا يخلو أحدُهما من صاحبه؛ فكان ذِكْرُ الواحد متضمناً لذكر الثاني.
و هذا استثناء من المآثر و إن احتوى العطف على ثلاثة أشياء. و نظيره قولك: جاءتني بنو ضَبّة، و بنو الحارث، و بنو عبس، إلا قَيْسَ بن زهير. و ذلك لأنّ المعنى يدعوه إلى متعلّقه.
قوله: تحت قدميّ، عبارة عن الإهدار و الإبطال، يقول المُوَادِع لصاحبه: اجعل ما سلف تحت قدميك، يريدُ طَأ عليه و اقمعه.
الضمير في منها يرجع إلى معنى كل، كقوله تعالى: وَ كُلٌّ أَتَوْهُ دٰاخِرِينَ [النمل: 87]. و كذلك الضمير في كانت و في قوله فهي.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون لفظ كانت صفة للذي أُضِيف إليه كلّ و للمعطوفيْن عليه فيستكنّ فيه ضميرها؟ قلت: لا و المانع منه أن الفاء وقع في الخبر لمعنى الجزاء الذي تتضمنه النّكرة الذي هو كل، و حقه أن يكون موصوفاً بالفعل، فلو قطعنا عنه كانت لم يَصْلُح لأن يقع الفاءُ في خبره؛ فكانَت إذن في محل النصب على أنه صفة كل و كائن فيه ضميره، و فيه دليل على أن إنَّ لا يُبْطل معنى الجزاءِ بدخوله على الأسماء المتضمنة لمعنى الشرط.
أبطل الدماء التي كان يَطْلُب بها بعضُهم بعضاً فيدُوم بينهم التغاور و التناجز، و الأموالَ التي كانوا يستحلونها بعقود فاسدة، هي عقود رِبا في الإسلام، و المفاخر التي كانت ينتج منها كلّ شر و خصومه و تهاج و تَعَاد.
و أما دمُ ربيعة فقد قُتِل له ابنٌ صغير في الجاهلية فأضاف إليه الدَّم، لأنه وَلِيُّه، و ربيعة هذا عاش إلى أيَّام عمر.
[و في الحديث]: مَنْ سَرَّة أَنْ يَبْسُط اللّٰه في رزقه و يَنْسَأَ في أَثَره فلْيَصِل رحمه.
قيل هو الأَجل؛ لأنه يَتْبع العمر، و اسْتُشْهِدَ بقول كعب:
و المَرْءُ ما عَاشَ ممدودٌ له أمَلٌ * * *لا يَنْتَهِي العمْرُ حتَّى يَنْتَهِي الأثَرُ