اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد الجزء : 1 صفحة : 215
الباب السادس فى المجاورة بمكة، و الموت فيها، و شىء من فضل أهلها، و فضل جدة ساحل مكة، و شىء من خبرها، و فضل الطائف و شىء من خبره [1].
اختلف العلماء فى استحباب المجاورة بمكة.
فذهب إلى استحبابها الشافعى، و أحمد، و أبو يوسف و محمد بن الحسن، صاحبا أبى حنيفة، و ابن القاسم صاحب مالك، فيما نقله عنه ابن الحاج، و ذهب أبو حنيفة إلى عدم استحبابها.
و فهم ذلك ابن رشد من كلام وقع لمالك، و ذلك لخوف الملل، و قلة الاحترام لمداومة الأنس بالمكان، و خوف ارتكاب ذنب هنالك.
و ذكر النووى فى الإيضاح: أن المختار استحباب المجاورة بمكة. انتهى.
و أما الموت بمكة
: فروى من حديث ابن عمر رضى اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم): «من مات بمكة فكأنما مات فى سماء الدنيا». و إسناده ضعيف.
و روى عن النبى (صلى اللّه عليه و سلم)- مرسلا- أنه قال: «من مات بمكة بعثه اللّه فى الآمنين يوم القيامة». و سيأتى شىء من فضل مقبرة المعلاة عند ذكرها.
و أما فضل أهل مكة
: فروينا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
«بعث رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) عتّاب بن أسيد على مكة، فقال له: هل تدرى إلى من أبعثك؟
أبعثك إلى أهل اللّه». أخرجه الزبير بن بكار فى كتاب النسب، و الفاكهى. و رواه الأزرقى مرسلا. و زاد فيه: «فاستوص بهم خيرا» يقولها ثلاثا.
و وجدت بخط بعض أصحابنا- فيما نقله من خط الشيخ أبى العباس الميورقى- و زاد: «إن سفهاء مكة حشو الجنة».
و اتفق بين عالمين فى الحرم منازعة فى تأويل الحديث و سنده، فأصبح الذى طعن فى الحديث و معناه: قد طعن أنفه و اعوج. و قيل له: إى و اللّه، سفهاء مكة من أهل الجنة، سفهاء مكة من أهل الجنة، سفهاء مكة من أهل الجنة. فأدركه روع، و خرج إلى الذى