اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد الجزء : 1 صفحة : 110
و قيل لأربع عشرة خلت منه- سنة سبعين و مائة، فأقام فى الخلافة ثلاثا و عشرين سنة و شهرين و ثمانية عشر يوما، يغز و سنة و يحج سنة، فحج تسع حجج، و لم يحج بعده خليفة من بغداد.
فأول ما حج و هو خليفة سنة سبعين و قسّم فى أهل الحرمين عطاء كثيرا، و قيل إنه غزا أيضا فيها بنفسه. و حجّ ثانيا فى سنة ثلاث و سبعين، و أحرم من بغداد. و حجّ بالناس سنة أربع و سبعين، و قسّم فى الناس مالا كثيرا. ثم حجّ فى سنة سبع و سبعين، و خرج عليه الوليد بن طريف [1] الشارى- أحد الخوارج من بنى تغلب- بنصيبين، و أخذ أرمينية و حصر خلاط، و عاث فى بلاد الجزيرة، فسيّر إليه الرشيد يزيد بن مزيد ابن زائدة الشيبانى- و هو ابن أخى معن بن زائدة [2]- على العسكر، فلم يزل يحاربه حتى قتله، و فيه تقول أخته ليلى بنت طريف [3] ترثيه بالأبيات المشهورة التى منها قولها:
فيا شجر الخابور مالك مورقا* * * كأنّك لم تجزع على ابن طريف
الأبيات:
فاعتمر الرشيد فى شهر رمضان سنة تسع و سبعين و مائة. و شكر اللّه تعالى على قتل الوليد، و عاد إلى المدينة فأقام بها الى وقت الحج بالناس، و مشى من مكة إلى منى إلى عرفات، و شهد المشاعر كلها ماشيا، و رجع على طريق البصرة، و لا يعرف من ملوك الدنيا ملك حج ماشيا سوى ملكين هرقل بن هرقل بن انتونيس- من أهل صلوقيا- حجّ من حمص إلى إيليا- التى هى بيت المقدس- ماشيا، و وافاه كتاب رسول اللّه- (صلى اللّه عليه و سلم)- فى سفرته هذه يدعوه إلى الإسلام- كما وقع فى الصحيحين و غيرهما- و الملك الثانى هارون الرشيد.
و ذكر محمد بن حزم فى كتاب «جمهرة الأنساب» أن موسى الهادى بن محمد المهدى كان له أم ولد تسمى «أمة العزيز»، تزوجها أخوه هارون من بعده، و هى التى كان