لا تحقّقه، فحينئذٍ يكون صدور الفعل عن الفاعل واجب التحقّق، و ما كان كذلك يكون الفاعل مضطرّاً في إيجاده ملجأ في فعله. و قد فصّل جمع من المتكلّمين [1] بين ما يصدر عن الفاعل المختار فمنعوا القاعدة لئلّا ينسدّ باب إثبات الاختيار للواجب، و بين غيره لئلّا ينسدّ باب إثبات الصانع تعالى، فكأنّهم بنوا جريان القاعدة العقليّة على أهوائهم لا على ما ساق إليه البرهان، فكأنّ النتائج دعتهم إلى قبول البراهين لا هي هدتهم إلى النتائج. فانظر ما ذا ترى! و كان الأولى و الأجدر ترك التعرّض لأقوالهم، لكن لمّا اغترّ بقولهم بعض الأعيان من أهل التحقيق (رحمه الله) [2] و تبعه غيره من غير تدقيق، دعانا ذلك إلى تعرّض إجمالي لمعنى القاعدة فنقول: التحقيق أنّها قاعدة تامّة مبرهنة مؤسّسة على الأوّليّات كلّيّة عامّة لجميع الممكنات و الحوادث الذاتيّة و الزمانيّة- صدرت من فاعل مختار أو لا- غير مصادمة لاختيار الفاعل المختار.
[1]- شرح المقاصد 4: 229- 231، شرح المواقف 8: 150- 151.