و للأثر الحاصل منها ثانياً و بالعرض، فالبنّاء إنّما يحرّك الأحجار و الأخشاب من محلّ إلى محلّ و يضعها على نظم خاصّ و تحصل منه هيئة خاصّة بنائيّة و ليست الهيئة و النظم من فعل الإنسان إلّا بالعرض، و ما هو فعله بالآلة هو الحركة القائمة بالعضلات أوّلًا و بتوسّطها بالأجسام، و في هذا الفعل تكون بين النفس المجرّدة و الفعل وسائط و مبادٍ من التصوّر إلى العزم و تحريك العضلات. و الضرب الثاني: ما يصدر منها بلا وسط أو بوسط غير جسماني كبعض التصوّرات التي يكون تحقّقها بفعّاليّة النفس و إيجادها- لو لم نقل جميعها كذلك- مثل كون النفس لأجل الملكة البسيطة الحاصلة لها من ممارسة العلوم خلّاقة للتفاصيل، و مثل اختراع نفس المهندس صورة بدعيّة (بديعة- خ ل) هندسيّة، فإنّ النفس مع كونها فعّالة لها بالعلم و الإرادة و الاختيار لم تكن تلك المبادي حاصلة بنحو التفصيل كالمبادي للأفعال التي بالآلات الجسمانيّة؛ ضرورة أنّ خلق الصور في النفس لا يحتاج إلى تصوّرها و التصديق بفائدتها و الشوق و العزم و تحريك العضلات، بل لا يمكن توسيط تلك الوسائط بينها و بين النفس؛ بداهة عدم إمكان كون التصوّر مبدأً (مبدئاً- خ ل) للتصوّر بل نفسه حاصل بخلّاقية النفس و هي بالنسبة إليه فاعلة بالعناية بل بالتجلّي؛ لأنّها مجرّدة و المجرّد