اسم الکتاب : الشيعة: نص الحوار مع المستشرق كوربان المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 79
الحقائق!.
لقد دامت الاوضاع قرونا على هذه الحالة حتى بلغ الامر الى ردّ فعل معاكس حيث فقد الحديث قيمته كليا بين المسلمين، و لم بعد له ثمة اعتبار، و انما ادخله المسلمون في عداد الخرافات و اخذوا يصمون الحديث الصحيح أيضا بالبطلان!
و هكذا انتهى المآل الى ان يعيش الحديث قصته بين الافراط و التفريط.
ثانيا: على أثر منع التدوين و الكتابة 63 ، اهملت كمية ملحوظة من الاحاديث، فيما اضطرّ المحدثون الى اخفاء مقدار كبير آخر منه؛ لعدم توافقه مع ميول الحكومات القائمة، و هكذا ضاع شطر آخر من الحديث الشريف بحكم خوف المحدثين على أنفسهم، من افشائه و نشره.
ثالثا: لقد جرف الحديث-بتأثير العوامل التي مرّ بها و الشروط التي أثّرت عليه-المسار العام لتأريخ الاسلام بعيدا عن مجراه الحقيقي، و دفع به الى مسار آخر. و على اثر هذا الانحراف افتقد تأريخ الاسلام نبضه الحي و روحه التي تعبّر عن منهج رباني، ليكتسب بعد ذاك هيئة تنظيم اجتماعي عادي.
ان الذي يراجع تأريخ الاسلام بدقة و هو يتحلى بموازين التحقيق العلمي و معاييره، ستتجسّم امام ناظره دون ترديد، امبراطورية واسعة و مقتدرة يقوم برنامجها الحياتي على طاقة فكر حكيم، و تستند قاعدتها على اساس نظام محكم و قوانين تشريفية.
ففي بادئ الامر، تطبق تلك القوانين التشريفية بدقّة تبعا لمقتضيات الزمان، بيد انها تعود تدريجيا بعد ان تستقر و تنفذ في ثنايا الواقع، الى وضعها الحقيقي لتعبّر عن جنبة تشريفية (شكلية) و لتترك المجال للحكومة لإدارة الوضع-بعيدا عن
اسم الکتاب : الشيعة: نص الحوار مع المستشرق كوربان المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 79