اسم الکتاب : الشيعة في الإسلام المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 82
و تشير هذه الآية إلى أن استيعاب الناس و قدرتهم على اكتساب المعارف السماوية و التي تنير النفوس، و تمنحها الحياة متفاوتة.
فهناك من لا يعطي الأصالة لهذا العالم-الذي سرعان ما يزول-إلاّ للمادة و الحياة الماديّة، و لا يرجو سوى ما تشتهيه نفسه من الحياة الماديّة، و لا يخشى إلا الحرمان منها، و هؤلاء على اختلاف في مراتبهم.
و الحد الأدنى الذي يمكن قبوله من المعارف السماوية، هو الاعتقاد بشكل مجمل و أداء أحكام الإسلام العلمية ظاهرا، و عبادة الله جلّ شأنه أملا في الثواب و خوفا من العقاب.
و هناك أناس اثر صفاء فطرتهم لا يرون السعادة بالركون إلى لذائذ هذه الحياة بأيامها القليلة الزائلة، و ما الفائدة و الضرر، و البهجة و البؤس في هذه الحياة إلاّ ظن مغر، و ما أولئك الذين كانوا بالأمس سعداء، و أصبحوا اليوم قصصا تروى، سوى دروس و عبر لهم، تلقى في أذهانهم باستمرار و على الدوام.
و هؤلاء بالطبع يتجهون بقلوبهم المنزهة إلى العالم الأبدي و ينظرون إلى هذا العالم بما فيه من مظاهر مختلفة، بأنها دلالات و إشارات لا غير، و ليست فيها أية أصالة أو استقلال.
و عند ما تفتح لهم أبواب من المعرفة و الإدراك المعنوي للآيات و الظواهر الأرضية و السماوية، و تشرق في نفوسهم أنوار غير متناهية من عظمة و جلال الخالق سبحانه، و تعجب نفوسهم و قلوبهم الطاهرة برموز الخليقة إعجابا، فتعرج أرواحهم في الفضاء غير المتناهي للعالم الأبدي بدلا من انغماسها في مصالحها المادية الخاصة.
اسم الکتاب : الشيعة في الإسلام المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 82