اسم الکتاب : الشيخ الانصاري : رائد النهضة العلمية الحديثة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 8
لقد تعلّقت مشيئة اللّه النافذة بانبثاق أنوار الهداية من هذه البيوت الرفيعة [1] في هذه الظروف القاسية، حتّى تخرّج من جامعتهم العديد من المحدّثين و الفقهاء ممّن بلغوا الذروة و القمّة في علم الشريعة و فهم الكتاب، و قد سجّلت أسماؤهم و حياتهم في معاجم الرجال و كتب التاريخ، كيف و قد أدرك الحسن بن عليّ بن زياد الوشّاء الكوفي من أصحاب الإمام الرضا عليه السّلام في عصر واحد (900) رجل في مسجد الكوفة كلّهم يقولون: حدّثني جعفر بن محمّد [2] و قد أحصى الشيخ أبو العبّاس بن عقدة (المتوفّى 333 هـ) الثقات من أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام فبلغوا أربعة آلاف. [3]
و قد قامت الشيعة الإماميّة في تلك العصور بتدوين كلّ ما أثر عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم عن طريق الصحابة العدول و التابعين الثقات في كتب الحديث، كما قاموا بتسجيل أحاديث العترة في مجالي العقيدة و العمل و بذلك قدّموا إلى الأمّة الإسلاميّة خدمة جليلة، مشكورة، كيف لا، و قد قاموا بذلك في عصر عدّت فيه كتابة الحديث عملا إجراميّا يعاقب عليه فاعله، و كانت كتب الحديث تحرق على رؤوس الأشهاد. [4] و لقد
[1] . اقرأ تفسير قوله سبحانه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللََّهُ أَنْ تُرْفَعَ... (النور: 36) ، في «الدرّ المنثور» للحافظ جلال الدين السيوطي.
[2] . رجال النجاشي «ترجمة الحسن الوشّاء» رقم: 80، و قد لقي الرضا عليه السّلام في خراسان، فيكون وفاته بعد المائتين من الهجرة.