responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام المؤلف : الفيض الكاشاني    الجزء : 1  صفحة : 911

كأنّها سواتر على اللّه سبحانه مانعة من رؤية قدرته و عظمته عزّ و جلّ «أنصتوا أو استمعوا» كناية عن توجّههم بشراشر نفوسهم، و اجتماع هممهم بالكلية إلى جناب القدس «فيسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم» كناية عن عدم تفاوتهم في ذلك التوجه و الإصغاء، و سلب القرب و البعد المكاني، و نفي الجهر و الإخفات الصوتي عن ذلك «فتنكسر أصواتهم» هذه الفقرات الأربع كناية عن رؤية عجزهم الذاتي و الاطلاع على وهنهم الجبلّي.

و «الفرائص» أوداج العنق، و اللحمة بين الجنب و الكتف التي لا تزال ترعد بالأهوال «مهطعين» مسرعين و «اثيب على الهبات» أي هبات المظالم و إبراء الذمم «فيشتدّ حالهم» لما رأوا من شغل ذممهم بالمظالم، و تردّدهم في إبراء خصمائهم من مظالمهم أو أخذهم بها لجهلهم بأنّ أيّ ذلك أنفع لهم و «يطلع اللّه على جهدهم» يعني أنّهم يطّلعون وقتئذ على اطّلاع اللّه على مشقّتهم، و إلّا فإنّ اللّه سبحانه لم يزل و لا يزال مطلعا على السرائر و العلن «أن يطلع» من باب الإفعال «في حفافة القصر» أي جوانبه «الوصائف و الخدم» من باب عطف أحد المترادفين على الاخر، أو الخدم أعمّ من الإناث «فيكرد» يطرد.

«العرصة» الموضع الذي لا بناء فيه، كناية عن انتهائهم إلى مقام لا حجاب لهم على أنفسهم، لا من أنفسهم و لا من غيرهم، لصيرورة الغيب عندهم شهادة، و السرّ علانية، و الخبر عيانا «قد نشرت الدواوين» الدواوين: كناية عن نفوسهم التي هي صحائف أعمالهم من خير أو شرّ يعمله و يرى أثره مكتوبا، و لا سيّما ما رسخت بسبب الهيئات، و تأكّدت به الصفات، و صار خلقا و ملكة، فإنّ ذلك ممّا يوجب خلود الثواب و العقاب، و نشرها كناية عن انكشافها لديهم دفعة واحدة بالموت و كشف الغطاء و رفع شواغل ما كان يورده الحواس في دار الدنيا، فيقال:

لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هٰذٰا فَكَشَفْنٰا عَنْكَ غِطٰاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [1] هٰذٰا كِتٰابُنٰا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّٰا كُنّٰا نَسْتَنْسِخُ مٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [2]، فمن كان في غفلة عن ذاته و حساب سرّه، فإذا وقع بصره على ذلك، و التفت إلى صفحة باطنه و صحيفة قلبه، يقول: مٰا لِهٰذَا الْكِتٰابِ لٰا يُغٰادِرُ صَغِيرَةً وَ لٰا كَبِيرَةً إِلّٰا أَحْصٰاهٰا وَ وَجَدُوا مٰا عَمِلُوا حٰاضِراً وَ لٰا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [3].

روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «يذكر العبد جميع أعماله و ما كتب عليه حتى كأنّه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا يٰا وَيْلَتَنٰا مٰا لِهٰذَا الْكِتٰابِ لٰا يُغٰادِرُ صَغِيرَةً وَ لٰا كَبِيرَةً


[1]. ق (50): 22.

[2]. الجائية (45): 29.

[3]. الكهف (18): 49.

اسم الکتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام المؤلف : الفيض الكاشاني    الجزء : 1  صفحة : 911
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست