اسم الکتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 1 صفحة : 464
ما يريد، لا معقّب لحكمه، و لا رادّ لقضائه لٰا يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ[1] هذا- يا إبراهيم- من باطن علم اللّه المكنون، و من سرّه المخزون» [2].
أقول: السرّ في ذلك أنّ الناصب و الكافر بحسب مقتضى طبيعته الخبيثة، إنما يحنّ و ينزع إلى المعاصي بطبعه و سجيّته، و ضميره معقود على فعلها دائما إن تيسّر له لأنّه من أهلها، كما قال اللّه تعالى في مثله: وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ[3] و الأفعال الحسنة غريبة منه، ليس صدورها من طينته الأصلية، و هذا بخلاف المؤمن، فإنّه بحسب مقتضى طينته الطيّبة إنّما يرتكب القبيح بكره من عقله و وجل من قلبه و خوف من ربّه، لأنّ صدوره منه غريب من سجيّته و طبعه الأصلي، إذ ليس هو من أهله، و لهذا لا يعاقب عليه، بل يثاب بما لم يفعل من الخيرات لحنينه إليها، و حرصه عليها، و عقد ضميره على فعلها دائما إن تيسّر له «فإنّ الأعمال بالنيّات، و إنّما لكلّ امرئ ما نوى» و إنما نوى كلّ ما يناسب طينته الأصلية، و تقتضيه جبلّته التي خلق عليها، قال اللّه تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلىٰ شٰاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدىٰ سَبِيلًا[4] و لهذا ورد في الحديث: «إنّ كلّا من أهل الجنّة و النار إنّما يخلّدون فيما يخلّدون على نياتهم» [5].