اسم الکتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 1 صفحة : 417
بَعْضَهُمْ دَرَجٰاتٍ وَ آتَيْنٰا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنٰاتِ وَ أَيَّدْنٰاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ[1]، ثم قال في جماعتهم: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ[2] يقول: أكرمهم بها ففضّلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثم ذكر أصحاب الميمنة و هم المؤمنون حقّا بأعيانهم، جعل اللّه فيهم أربعة أرواح: روح الإيمان و روح القوة و روح الشهوة و روح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتى تأتي عليه حالات».
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، ما هذه الحالات؟
فقال: «أما اولاهنّ فهو كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لٰا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً[3] فهذا ينتقص منه جميع الأرواح، و ليس بالذي يخرج من دين اللّه؛ لأن الفاعل به ردّه إلى أرذل العمر، فهو لا يعرف للصلاة وقتا، و لا يستطيع التهجّد بالليل و لا بالنهار، و لا القيام في الصفّ مع الناس، فهذا نقصان من روح الإيمان و ليس يضرّه شيئا، و منهم من ينتقص منه روح القوة، و لا يستطيع جهاد عدوّه، و لا يستطيع طلب المعيشة، و منهم من ينتقص منه روح الشهوة، فلو مرّت به أصبح بنات آدم لم يحنّ إليها و لم يقم، و تبقى روح البدن فيه، فهو يدبّ و يدرج حتى يأتيه ملك الموت، فهذا بحال خير لأنّ اللّه عزّ و جلّ هو الفاعل به، و قد يأتي عليه حالات في قوّته و شبابه، فيهمّ بالخطيئة فتشجّعه روح القوة، و تزيّن له روح الشهوة، و تقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة، فإذا لامسها نقص من الإيمان و تفصّى منه، فليس يعود فيه حتّى يتوب، فإذا تاب تاب اللّه عليه، و إن عاد أدخله اللّه نار جهنّم، فأمّا أصحاب المشئمة فهم اليهود و النصارى، يقول اللّه عزّ و جلّ: الَّذِينَ آتَيْنٰاهُمُ الْكِتٰابَ يَعْرِفُونَهُ كَمٰا يَعْرِفُونَ أَبْنٰاءَهُمْ يعرفون محمّدا و الولاية في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ إنّك الرسول إليهم فَلٰا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ[4] فلمّا جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم روح الإيمان، و أسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، ثم أضافهم إلى الأنعام،