responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام المؤلف : الفيض الكاشاني    الجزء : 1  صفحة : 228

ما شاء و هو سرّه» [1].

* بيان

يمكن الاشارة إلى سرّ ذلك لأهله من المتعمّقين و إن كان الظاهريون لبمعزل عن فهمه و نيله بأن يقال: لمّا كان الخلق هم المعلومون للّه سبحانه، و هو العالم بهم، و المعلوم يعطي العالم و يجعله بحيث يدرك ما هو عليه في نفسه، و لا أثر للعلم في المعلوم بأن يحدث فيه ما لا يكون له في حدّ ذاته، بل هو تابع للمعلوم، و الحكم على المعلوم تابع له، فلا حكم من العالم على المعلوم إلّا بالمعلوم و بما يقتضيه بحسب استعداده الكلّي و الجزئي.

و الحق سبحانه و إن كان علمه بالخلق علما ذاتيا غير مستفاد ممّا هم عليه، غير أنّهم اقتضوا في أنفسهم ما كانوا عليه في علمه، فحكم ثانيا بما اقتضوه بحسب علمه، فما قدّر اللّه سبحانه على الخلق الكفر و العصيان من نفسه، بل باقتضاء أعيانهم و طلبهم بألسنة استعداداتهم أن يجعلهم كافرا أو عاصيا، كما يطلب عين الصورة الكلبيّة الحكم عليها بالنجاسة العينية فما كانوا في علم اللّه سبحانه ظهروا به في وجوداتهم العينية فليس للحق إلّا إفاضة الوجود عليهم و الحكم لهم و عليهم، فلا يحمدوا إلّا أنفسهم، و لا يذمّوا إلّا أنفسهم، و ما يبقى للحق إلّا حمد إفاضة الوجود؛ لأنّ ذلك له لا لهم، و لذلك قال: مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ مٰا أَنَا بِظَلّٰامٍ لِلْعَبِيدِ [2] أي ما قدّرت عليهم الكفر الذي يشقيهم: ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به، بل ما عاملناهم إلّا بما علّمناهم، و ما علّمناهم إلّا بما أعطونا من نفوسهم ممّا هم عليه، فإن كان ظلما فهم الظالمون، و لذلك قال: وَ لٰكِنْ كٰانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [3] و في الحديث: «من وجد خيرا فليحمد اللّه، و من وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه» [4].

فإن قلت: فما فائدة قوله سبحانه: وَ لَوْ شٰاءَ لَهَدٰاكُمْ أَجْمَعِينَ [5]؟

قلنا: (لو) حرف امتناع لامتناع، فما شاء إلّا ما هو الأمر عليه، و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين


[1]. الكافي 1: 153/ 3.

[2]. ق (50): 29.

[3]. البقرة (2): 57.

[4]. الحكايات في مخالفات المعتزلة من العدلية و الفرق بينهم و بين الشيعة الامامية/ للمفيد: 85.

[5]. النحل 16: 9.

اسم الکتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام المؤلف : الفيض الكاشاني    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست