و أجيب عنه أوّلا: بأنّ قاعدة الإمكان انّما استفيد من الإجماعات المحكيّة، و المفروض أنّ المشهور بين المتأخّرين عدم الحكم بالحيضيّة في المقام، و جعل الاستظهار مستحبّا.
و ثانيا: بأنّ قاعدة الإمكان- كما تقدّم في محلّه- لا تجدي في التحيّض بدم متزلزل تحتمل ظهور كونها المستحاضة، لعدم استقرار الإمكان.
و يمكن المناقشة في الأوّل: بأن الإجماع على القاعدة، بمعنى أنّ الأصل في الدم الممكن الحيضيّة أن يكون حيضا، إلّا أن يقوم دليل شرعي على أنّه ليس بحيض، و مثل هذا الإجماع لا يوهن بشهرة الفتوى بعدم حيضيّة دم خاص لظن كذا دليل خاص معلوم حاله، كأخبار الاستظهار [1].
و الحاصل: أنّ القاعدة بمنزلة العام ما لم يقم دليل على تخصيصه. إلّا أن يقال:
إنّ ظاهر المجمعين هو دعوى الإجماع على الكليّة، دون القاعدة بمعنى الأصل، فالشهرة على خلاف مقتضى القاعدة في مورد موهنة لتحقّق الإجماع في ذلك المورد.
و في الثاني: بأنّ تزلزل الدم بين كونه حيضا مع ظهور عدمه، قد يكون للشك في تمام شرائط الحيض الواقعيّة، و قد يكون لاحتمال قيام أمارة معتبرة حاكمة على قاعدة الإمكان، كالتميّز و العادة عند تجاوز الدم مثلا، و التزلزل بالمعنى الثاني لا ينافي استقرار الإمكان، كيف و لو بني على ذلك لم يجز الحكم على ما تراه بعد الثلاثة و قبل العشرة بأنّه حيض، إلّا إذا قطع بعدم التجاوز، أو عدم حصول التميّز على تقديره، و لا أظنّ المستدلّين بهذه يلتزمون بذلك.
ثمَّ إنّه لا ينافي ما ذكرنا من تقدّم التميّز على القاعدة كون القاعدة كلّيّة يوهن كلّيّتها الشهرة على الخلاف، للفرق بين قولنا: كلّ دم مشكوك الحيضيّة حيض،
[1] وسائل الشيعة: ب استحباب استظهار ذات العادة مع استمرار الدّم من أبواب الحيض، ج 2، ص 556- 558، انظر الباب.