اسم الکتاب : الدروس شرح الحلقة الثانية المؤلف : الحيدري، السيد كمال الجزء : 1 صفحة : 364
الخلط بين المدلول التصوّري و المدلول التصديقي
الظاهر أنّ القول بأنّ معنى صيغة فعل الأمر و هيئته هو الطلب أو الترجّي أو التمنّي و ما شابه، هو نتيجة الخلط بين المدلول التصوّري للصيغة و بين مدلولها التصديقي، فإنّ المدلول التصوّري للصيغة و الذي نستكشفه من عملية الوضع هو الربط أو النسبة الطلبية أو الإرسالية، و هذا المدلول التصوّري محفوظ في كلّ استعمالات هذه الصيغة سواء استعملت في حالة الطلب أو الترجّي أو التمنّي أو التهديد أو غيرها.
و أمّا المدلول التصديقي لهيئة فعل الأمر، فإنّه مختلف من استعمال لآخر، و ذلك أنّ فعل الأمر باعتباره جملة تامّة مؤلّفة من فعل و فاعل له هيئة تدلّ على نسبة تامّة أيضاً، و كلّ نسبة تامّة لها مدلول تصديقيّ ثانٍ جدّيّ نستكشفه من سياق الكلام و حال المتكلّم لا من الوضع، و من هنا فإنّ هذا المدلول الجدّي يتغيّر من حالة إلى أخرى تبعاً لسياقات الكلام و أحوال المتكلّمين، فالمتكلّم تارة يستخدمه في الطلب و أخرى في الترجّي و ثالثة في التمنّي، و هكذا.
صيغة فعل الأمر وفق نظرية التعهّد
كلّ ما سبق كان بناءً على نظريتي الاعتبار و القرن الأكيد، و أمّا بناءً على نظرية التعهّد، فإنّ كلّ جملةٍ تامّةٍ موضوعةٌ بالتعهّد لنفس مدلولها التصديقي الجدّي مباشرة، و بما أنّ هيئة فعل الأمر جملة تامّة فإنّها موضوعة بذاتها
و مباشرة لمداليل تصديقية جدّية و لمعانٍ متعدّدة على نحو الاشتراك، فهذه الهيئة موضوعة بوضع أوّل لإفادة التمنّي، و بوضع ثانٍ لإفادة الترجّي، و بوضع ثالث لإفادة الطلب و هكذا، و قد ذكرنا مراراً عدم تمامية نظرية التعهّد هذه.
اسم الکتاب : الدروس شرح الحلقة الثانية المؤلف : الحيدري، السيد كمال الجزء : 1 صفحة : 364