تستكثر شيئا في سبيل اللّه و طاعته، حتّى قتل أخيها، و ذبح أبنائها، و السّير بها مسبيّة من بلد إلى بلد ... لقد قدم إبراهيم على ذبح ولده إسماعيل طاعة للّه، و استسلم الولد مختارا للذّبح امتثالا لأمر اللّه ... و هكذا سيّدة الطّفّ استسلمت لقضاء اللّه، و رضيت به، و لم تستكثر و تستعظم ما حلّ بها، تماما كما استسلم إبراهيم و إسماعيل لأمر اللّه و إرادته.
شأن أهل البيت
ارتحل ابن سعد بجيشه من كربلاء في زوال اليوم الحادي عشر من المحرّم، و معه نساء الحسين و صبيته و جواريه، و بعض نساء أصحابه الّذين استشهدوا معه، و كانت النّساء عشرين امرأة، و الإمام زين العابدين، و ولده الإمام الباقر، و كان له من العمر سنتان و شهور، و ثلاثة من أبناء الإمام الحسن، و هم الحسن المعروف بالمثنى، و زيد، و عمر، و طلبت النّسوة من جيش الطّغاة أن يمروا بهنّ على القتلى ... و حين نظرنّ إلى جسد الحسين صحنّ و بكينّ، لطمنّ الخدود، فاشتدّت الحال على الإمام السّجّاد، و جاد بنفسه، و قد انهكه المرض، فقالت له سيّدة الطّفّ:
«مالي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي و أبي و اخوتي؟ ... فو اللّه أنّ هذا لعهد من اللّه إلى جدّك و أبيك ... أنّ قبر أبيك سيكون علما لا يدرس أثره، و لا يمحى رسمه على كرور اللّيالي و الأيّام، و ليجتهد أئمّة الكفر، و أشياع الضّلال في محوه و تطميسه، فلا يزداد أثره إلّا علّوا» [1].