قد يتساءل: كيف تحدّى إبراهيم الخليل (عليه السّلام) شعور قومه، و أهانهم في آلهتهم و أعظم مقدّساتهم، و لم يعبأ بالنّمرود صاحب الحول و الطّول؟! هذا، و هو أعزل من السّلاح، و المال لا ناصر له، حتّى أبويه لم يجرءا على مناصرته و الذّب عنه.
حطّم الخليل آلهة قومه، و داسها بقدميه، و قال للألوف المؤلّفة: أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ[1]، و لم يخش سطوتهم، و نارهم الّتي أو قدوها لحرقة حيّا.
و موسى الكليم (عليه السّلام) الشّريد الطّريد الّذي أكل بقلة الأرض حتّى بانت خضرتها من شفيف بطنه لهزاله، و حتّى سأل ربّه قطعة خبز، و تضرّع إليه بقوله: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[2]. هذا الفقر إلى لقمة الخبز يصرخ في وجه فرعون المتألّه، صاحب النّيل، و الملك العريض الطّويل، و يقول له: «أنت الضّال المضّل! ...
و محمّد اليتيم (صلّى اللّه عليه و آله) [3] الّذي لا يملك شيئا من حطام الدّنيا [4] كيف سفّه أحلام
[4] كلّ ما ورثه النّبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) من أبويه أمة، و هي أمّ أيمن، و خمسة جمال، و قطيعة غنم، و قد أعتق أمّ أيمن حين تزوّج بخديجة. (منه (قدّس سرّه)). انظر، تركة النّبي: 1/ 101.