و كان النّبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لا يصبر عن بيته هذا، و لا يشغله عنه شاغل، بخاصّة بعد أن نبتت فيه رياحينه .. فإذا دخله قبل هذا، و شمّ ذاك، و ابتسم لتلك .. و دخله ذات يوم فأخذ الحسن و حمله، فأخذ عليّ الحسين و حمله، فأخذت فاطمة زينب و حملتها [1]، فاهتزّت أركان البيت طربا لجو الصّفوة المختارة، و ابتهاج الرّسول بآله، و ابتهاجهم به ... و تدلنا هذه الظّاهرة و كثير غيرها أنّ محمّدا كان أكثر الأنبياء غبطة و سعادة بأهل بيته، كما أنّه كان أشدّهم بلاء بقومه من أمثال أبي جهل، و أبي سفيان.
ولدت الحوراء في هذا البيت، حيث كان النّبيّ يبتهج، و ينعم فيه بالسّكينة و الإطمئنان، و رضعت من ثدي الطّهر، من بضعة الرّسول الأعظم، و درجت مع أخويها سيّدي شباب أهل الجنّة [2]، و أخذت العلم عن أبيها باب مدينة العلم [3]،
[3] لقد وصل إلينا حديث «أنا مدينة العلم و عليّ بابها» متواترا عن طريق الشّيعة، و السّنّة كما صرح بذلك أكثر الفقهاء، و العلماء، و أصحاب الحديث، و السّنن مع وجود بعض الإختلاف في اللّفظ. انظر، تأريخ دمشق/ ترجمة الإمام عليّ (عليه السّلام): 3/ 467، و المناقب لابن المغازلي: 81، و صحيح التّرمذي:
2/ 299 ح 3807، سنن التّرمذي: 5/ باب 87/ 301، و أخرجه الطّبراني في المعجم الكبير:
3/ 108، و: 11/ 55/ 11061 عن ابن عبّاس، الحاكم في المناقب: 226، مستدرك الصّحيحين:
3/ 126 و 127 و 129، أسنى المطالب للجزري: 70 و 71، تأريخ بغداد: 11/ 204 و 48 و 49 و:-