و خيّل لأبيه معاوية، و هو صاحب العرش و التّاج أنّ بمقدوره الجمع بين الفجور و القداسة، بين الشّجرة الملعونة في القرآن، و من أذهب اللّه عنهم الرّجس، و طهّرهم تطهيرا، و لكن الحسين ألقى عليه درسا من أهم الدّروس و أبلغها، و أفهمه أنّه، و إن امتّد سلطانه، و كثر ماله فهو أذل من ذليل، و أخس من خسيس، و أحقر من أن يكون كفؤا للطّيبين الأبرار، أفهمه أنّهم أهل بيت لا يتزوّجون و لا يزوّجون زوّاجا تجاريّا، و إنّ الخصومة بين البيتين ليست على الجاه و السّلطان، و لا على المال و الحطام، و إنّما هي خصومة في اللّه، و بين من كذّب اللّه و صدّقه [1].
و هذا هو السّبب الأوّل و الأخير الّذي باعد بين العترة الطّاهرة و اميّة الفاجرة، و هذا هو التّفسير الصّحيح لمذبحة كربلاء. و من الخطأ أن يعدّ من أسباب هذه الكارثة ردّ يزيد حين أراد الزّواج من بنت العقيلة، و منعه من الوصول إلى زينب زوّجة عبد اللّه بن سلّام، كلّا، لا سبب إلّا العداء في اللّه، إنّ أهل البيت لا يحبّون و لا يبغضون إلّا في اللّه، فإذا زوّجوا، أو تزوّجوا، أو رفضوا، فعلى هذا الأساس وحده، فهو مبدأهم، و هدفهم، و شعارهم.
لم يطلبوك بثأر أنت صاحبه* * * ثأر لعمرك لو لا اللّه لم يثر [2]
[1] انظر، مناقب آل أبي طالب: 3/ 200. و رواه مختصرا صاحب الإصابة: 8/ 279، مقدّمة فتح الباري: 1/ 241، معجم ما استعجم: 2/ 659، مستدرك الوسائل: 15/ 98 ح 5.
[2] انظر، ديوان الأزري الكبير، للشّيخ كاظم الأزري التّميمي: 300.