عند العلّامة المجلسي و قد أدرج قسما منه في بحار الأنوار. و يبقى الكتابان الآخران: الجمل، و النصرة. و يستفاد من اسميهما أن الجمل قد جعله المؤلّف للأخبار و النصوص، و جعل كتاب النصرة للبحث الكلامي و الاستدلال البرهاني.

و هنا قد يطرح سؤال مهم، و هو أن الكتاب الذي هو بين أيدينا هل هو كتاب الجمل أم كتاب النصرة؟

الكتاب الذي بين أيدينا اليوم يظن قويا، بل يكاد يقطع بكونه النصرة، حيث إن المخطوطتين التي عثرنا عليهما قد ذكرتا كون الذي بين أيدينا هو كتاب النصرة و أثبتت هذه التسمية عليهما. و عليه فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كان هذا الكتاب هو كتاب النصرة، فأين كتاب الجمل الذي نسبه النجاشيّ و الشيخ الطوسيّ إلى المفيد؟ مع أن الكتاب الذي بين أيدينا قد قسم قسمين: القسم الكلامي و القسم التاريخي؛ و من البعيد أن يكون المؤلّف قد كتب كتابين في موضوع واحد من جهة واحدة، فيقوي الظنّ أن هذا الكتاب يشتمل على النصرة و الجمل معا، و أن القسم الأوّل منه النصرة و القسم الثاني منه هو الجمل، كما ذهب إليه المرحوم السيّد محمّد صادق بحر العلوم و المرحوم السيّد عبد الرزاق الموسوي المقرّم‌[1] في طبعة النجف. و لنا شواهد على هذا المدعى:

أ: إن من البعيد أن يكون المؤلّف قد كتب كتابين مستقلين في موضوع واحد و في جهة واحدة.

ب: قد قسم المؤلّف كتابه إلى قسمين، و جعل القسم الأوّل منحصرا في الاستدلال الكلامي، بينما خصّ القسم الثاني سرد الروايات و النصوص و البحث عنها، فلهذا اشتهر الأول منه و عرف بالنصرة، و القسم الثاني بالجمل. و يدلّ على ذلك ما جاء في ابتداء القسم الأوّل ص 49 «القول في اختلاف الأمة في فتنة الجمل و أحكام القتال فيها» و بديهي أن هذا العنوان مختص بالبحث الكلامي، يعني النصرة. و بينما جاء في أول القسم الثاني ص 225 «باب الخبر عن ابتداء أصحاب فتنة البصرة في تدبيرها و الاجتماع منهم في العمل عليها و ما جاءت به الأخبار المتضافرة في ذلك». و ذكر بعد ذلك «نحن نبدأ بشرح القصة في ابتداء الأمر من أصحاب الفتنة». و لا يخفى أن هذا القسم بحث في الأخبار و النصوص و هو غير ما أورده في القسم الأول من الاستدلال.

ج: بعد أن ذكر المؤلّف طرفا من البحث الكلامي في أوّل الكتاب قال في ص 133 «و نورد بعد هذا الباب الذي ذكرناه، الأخبار الواردة بصورة الأمر في القتال و كيفية ما جرى فيه على‌

[1]- و احتمله أيضا مارتين مكدرموت، انظر انديشه‌هاى كلامى شيخ مفيد ص 59.