لَكَ قُوَّةٌ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع «بَلْ أَسِيرُ[1] بِنَفْسِي وَ مَنْ مَعِي فِي اتِّبَاعِ الطَّرِيقِ وَرَاءَ الْقَوْمِ فَإِنْ أَدْرَكْتُهُمْ فِي الطَّرِيقِ أَخَذْتُهُمْ وَ إِنْ فَاتُونِي كَتَبْتُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ اسْتَمْدَدْتُ الْجُنُودَ مِنَ الْأَمْصَارِ وَ سِرْتُ إِلَيْهِمْ وَ أَمَّا أُمُّ سَلَمَةَ فَإِنِّي لَا أَرَى إِخْرَاجَهَا مِنْ بَيْتِهَا كَمَا رَأَى الرَّجُلَانِ إِخْرَاجَ عَائِشَةَ» فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي لَا تَسِرْ سَيْراً وَاحِداً وَ انْطَلِقْ إِلَى يَنْبُعَ وَ خَلِّفْ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلًا وَ أَقِمْ بِمَالِكَ فَإِنَّ الْعَرَبَ لَهُمْ جَوْلَةٌ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَيْكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكَ يَا أُسَامَةُ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ غِلٍ[2] فِي صَدْرِكَ فَقَدْ أَخْطَأْتَ وَجْهَ الرَّأْيِ فِيهِ لَيْسَ هَذَا بِرَأْيٍ بَصِيرٍ يَكُونُ وَ اللَّهِ كَهَيْئَةِ الضَّبُعِ فِي مَغَارَتِهَا فَقَالَ أُسَامَةُ فَمَا الرَّأْيُ قَالَ مَا أَشَرْتُ بِهِ أَوْ مَا رَآهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِنَفْسِهِ.[3] ثُمَّ نَادَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي النَّاسِ «تَجَهَّزُوا لِلْمَسِيرِ فَإِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ قَدْ نَكَثَا الْبَيْعَةَ وَ نَقَضَا الْعَهْدَ وَ أَخْرَجَا عَائِشَةَ مِنْ بَيْتِهَا يُرِيدَانِ الْبَصْرَةَ لِإِثَارَةِ الْفِتْنَةِ وَ سَفْكِ دِمَاءِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ قَدْ بَغَيَا عَلَيَّ وَ نَكَثَا عَهْدِي وَ نَقَضَا عَقْدِي وَ شَقَانِي بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْهُمَا كَانَ فِي[4] ذَلِكَ اللَّهُمَّ خُذْهُمَا بِظُلْمِهِمَا لِي وَ أَظْفِرْنِي بِهِمَا وَ انْصُرْنِي عَلَيْهِمَا ثُمَّ خَرَجَ فِي سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ تَمَامَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ بَعَثَ قُثَمَ بْنَ الْعَبَّاسِ إِلَى مَكَّةَ وَ لَمَّا رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع التَّوَجُّهَ إِلَى الْمَسِيرِ طَالِباً لِلْقَوْمِ رَكِبَ جَمَلًا أَحْمَرَ[5] وَ قَادَ كُمَيْتاً وَ سَارَ وَ هُوَ يَقُولُ
[1]- ق ط: أنهض.
[2]-« الغلّ: الغشّ و العداوة و الضغن و الحقد و الحسد، غلّ صدره: إذا كان ذا غشّ أو ضغن و حقد» لسان العرب ج 11 ص 499( غلل).
[3]- قارن بتاريخ الطبريّ ج 4 ص 440.
[4]- ق: سؤمتهما. ط: سومهما.
[5]- م: جمالا حمرا؛ ق: جملا حمراء.