أقول: لا يحضرني شرح التهذيب حتى ألاحظ ما فرع على ذلك، فليت شعري! إذا فرض حكم العقل على وجه القطع بشيء، كيف يجوز حصول القطع أو الظن من الدليل النقلي على خلافه؟ و كذا لو فرض حصول القطع من الدليل النقلي، كيف يجوز حكم العقل بخلافه على وجه القطع؟
[كلام المحدث البحراني (قدّس سرّه) في المسألة]
و ممن وافقهما على ذلك في الجملة: المحدث البحراني في مقدمات الحدائق، حيث نقل كلاما للسيد المتقدم في هذا المقام و استحسنه، إلا أنه صرح بحجية العقل الفطري الصحيح، و حكم بمطابقته للشرع و مطابقة الشرع له. ثم قال:
لا مدخل للعقل في شيء من الأحكام الفقهية من عبادات و غيرها، و لا سبيل إليها إلا السماع عن المعصوم (عليه السلام)، لقصور العقل المذكور عن الاطلاع عليها. ثم قال:
نعم، يبقى الكلام بالنسبة إلى ما لا يتوقف على التوقيف 1، فنقول:
إن كان الدليل العقلي القطعي المتعلق بذلك بديهيا ظاهر البداهة- مثل: الواحد نصف الاثنين- فلا ريب في صحة العمل به، و إلا:
فإن لم يعارضه دليل عقلي و لا نقلي فكذلك.
و إن عارضه دليل عقلي آخر: فإن تأيد أحدهما بنقلي، كان الترجيح
(1) قال بعض أعاظم المحشين (قدّس سرّه): «كما في الأمور الاعتقادية الغير المتوقفة على التوقيف من صاحب الشرع، سواء كانت من الأصول الاعتقادية، أو الأخلاق، أو غيرهما».