مع أن الشهرة الفتوائية 1 مما لا يقبل أن يكون في طرفي المسألة، فقوله: (يا سيدي، إنهما معا مشهوران مأثوران) أوضح شاهد على أن المراد بالشهرة الشهرة في الرواية الحاصلة بكون الرواية مما اتفق الكل على روايته أو تدوينه، و هذا مما يمكن اتصاف الروايتين المتعارضتين به.
و من هنا يعلم الجواب عن التمسك بالمقبولة، و أنه لا تنافي بين إطلاق المجمع عليه على المشهور و بالعكس حتى تصرف أحدهما عن ظاهره بقرينة الآخر، فإن إطلاق المشهور في مقابل الإجماع إنما هو إطلاق حادث مختص بالأصوليين 2، و إلا فالمشهور هو الواضح المعروف، و منه: شهر فلان سيفه، و سيف شاهر.
فالمراد أنه يؤخذ بالرواية التي يعرفها جميع أصحابك و لا ينكرها أحد منهم، و يترك ما لا يعرفه إلا الشاذ و لا يعرفها الباقي، فالشاذ مشارك للمشهور في معرفة الرواية المشهورة، و المشهور لا يشاركون الشاذ في معرفة الرواية الشاذة، و لهذا كانت الرواية المشهورة من قبيل بيّن الرشد، و الشاذ من قبيل المشكل الذي يرد علمه إلى أهله، و إلا فلا 3 معنى للاستشهاد- ينافي الريب فيها، فالتعدي من إحداهما للأخرى أشبه بالقياس.
(1) يعني: بالمعنى الذي هو محل الكلام، و هو فتوى الغالب، أما بالمعنى اللغوي فهي خارجة عن محل الكلام.
(2) و جرى عليه الفقهاء أيضا، و الاصطلاح المذكور مختص بالفتوى، و لا يجري في الروايات.
(3) يعني: لو أريد من المشهور ما يقابل المجمع عليه.