responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 64

السانحة من العبد خروج عن الفطرة و تباعد عن مرتبة القرب و اللطف الى عرضة القهر فالتوبة الماحية لتلك الإساءة يلزمها عود العبد الى مقتضى فطرته الأصلية و الرب الى رحمته السابقة كالوسخ الطاري على الثوب النقي إذا غسل بالصابون و بولغ في إزالته عاد الى نظافته الأولية و صلوح ملابسة الملك أو المرض العارض في البدن إذا عولج عاد إلى الصحة و كما ان الغالب على أصل الأمزجة الطبيعية الصحة و انما يعرض المرض بأسباب مغيرة إذا أزيلت زال المرض كذلك إذا تحققت التوبة التي هي علاج القلوب المريضة عادت الى فطرتها و ما كانت عليه من مرتبة القبول و اليه الإشارة بقوله عز و جل إِلّٰا مَنْ أَتَى اللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. و من ثم ورد في الحديث النبوي و غيره التائب من الذنب كمن لا ذنب له و التائب حبيب اللّٰه. و هي فرض مأمور به في عدة مواضع من القرآن كقوله عز و جل وَ تُوبُوا إِلَى اللّٰهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ. و غيره من الآيات مدلول على وجوبه بالعقل الصراح فان من علم معنى الذنوب و انها قبائح يحرم بها عن السعادة الأبدية التي هي محبوبة لكل عاقل و يتعرض للهلاك الدائم و معنى التوبة و انها المنجية من تبعات الذنوب و معنى الواجب و انه ما يذم تاركه ثم جمع بين هذه المعاني فإنه لا يستريب في انها من الوجوب المؤكد في مرتبة لا يعقل لها غاية و هذا العلم لا يحتاج الى مزيد نظر لانه داخل في الايمان و من ثم خص الخطاب بالتوبة في الآية المذكورة بالمؤمنين و لكن ربما تذهل الغفلة عنه فبينه عليه التوفيق و كما يلتفت به الى أصل وجوبها في الجملة يلتفت الى عموم وجوبها على كل أحد في كل حال لان غرائز الشهوة و الغضب و سائر الذمائم تسابق الى النفوس الإنسانية على كمال العقل لأنه انما يتحقق ببلوغ الأشد في حدود الأربعين و هي قد تكاملت قبل ذلك و استولت على المكان و الف بها القلب بمقتضى العادة و من ثم كان الإنسان اسلس قيادا للباطل منه للحق الا من عصمه اللّٰه فلا جرم لا ينفك في كل وقت عن معصية بجوارحه فان خلا في بعض الأوقات عن معصية الجوارح فبقلبه من هم بذنب أو تحديث النفس بوسوسة أو مداهنة في باطل أو تقاعد عن حق أو غير ذلك مما يحده كل أحد من نفسه و الى وجوبها على الفور لان العالم بان الذنوب مهلكات لروح الايمان كالعالم بان السموم مهلكات لروح الحياة و كما يجب على شارب السم المبادرة إلى الشقية و الاستفراغ تلافيا لحياته المشرفة على الزهوق و الزوال كذلك يجب على صاحب الذنوب المبادرة إلى التوبة تلافيا لإيمانه المشرف على

اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست